للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقرينة في هذه الآية لا تسلم من الاعتراض ولا تفيد القطع وحدها، فإن المرأة ربما أنكرت على غلامها قصدها لفعل الفاحشة فهرب منها وأدركته من الدبر. واعترض عليها بأن الشاهد كان صبيًا في المهد فيكون كلامه هو الدليل لا القرينة وبأن ذلك من شرع من قبلنا.

ويجيب على هذه الاعتراضات الدكتور عوض عبد الله فيقول: «القرائن كانت كثيرة وكفيلة بصرف هذه التُّهْمَة عنه، أما القرينة المذكورة في الآية إنما جاءت دليلا مرجحا ومقويا لتلك القرائن، ومن هذه القرائن التي ذكرها المفسرون أن يوسف - عليه السلام- كان عبدا في ظاهر الأمر والعبد لا يمكن أن يتسلط على مولاه إلى هذا الحد، كما أنهم رأوا أن المرأة زيّنت نفسها على أكمل الوجوه، ولم يكن على يوسف -عليه السلام- آثار للتزين. ثم إنّ أحوال يوسف -عليه السلام- في المدة الطويلة تدل على براءته ... » ويقول مجيبًا على الاعتراض الثاني: «وقد دفع هذا الاعتراض بأنه يستبعد أن يكون الشاهد صبيا بل كان رجلا حكيما وهو الذي يناسب سياق الآية، فلو أنطق الله الطفل لكان كافيا قوله: «إنها كاذبة» ولما احتاج إلى نصب العلامة، ثم قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: ٢٦] ليكون أولى بالقبول في حق المرأة ولو كان صبيا لا يتفاوت الحال كونه من أهلها أو من غير أهلها. كما أن لفظ الشاهد لا يقع في العرف إلا لمن تقدمت معرفته بالواقعة وإحاطته بها. وقيل: إنه لا تعارض بين كونه صبيًّا تكلم في المهد وبين الأمارة المنصوبة، فقد يتكلم الصبي، ومع ذلك ينبههم إلى الدليل الذي غفلوا عنه وهي أمارة القميص» (١).


(١) «نظام الإثبات في الفقه الإسلامي» للدكتور عوض عبد الله «مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة» (٦٢/ ١١٩ - ١٤٥) ١٤٠٤ هـ.

<<  <   >  >>