للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنِ عبد الرحمن بن حاطبٍ عن أبيه: «أَنّ حَاطِبًا تُوُفِّيَ وَأَعْتَقَ من صلى من رَقِيقِهِ وَصَامَ. وَكَانَتْ له وَلِيدَةٌ نُوبِيَّةٌ قد صَلَّتْ وَصَامَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لم تَفْقَهْ فلم يَرُعْهُ إِلاَّ حَمْلُهَا. فَذَهَبَ إلَى عُمَرَ فَزِعًا، فقال له عُمَرُ أنت الرَّجُلُ الذي لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عُمَرُ أَحَبَلْتِ؟ فقالت نعم من مَرْعُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ؛ فإذا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِهِ. وَصَادَفَتْ عِنْدَهُ عَلِيَّ بن أبي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بن عَفَّانَ وَعَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ، فقال أَشِيرُوا عَلي وَعُثْمَانُ جَالِسٌ فَاضْطَجَعَ فقال عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرحمن قد وَقَعَ عليها الْحَدُّ. قال أَشِرْ عَلَيَّ يا عُثْمَانُ. قال قد أَشَارَ عَلَيْك أَخَوَاك. قال أَشِرْ عَلي أنت. قال أَرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ، وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلاَّ على من عَلِمَهُ، فَأَمَرَ بها فَجُلِدَتْ مِائَةً وَغَرَّبَهَا (١)» (٢).

وقد يجاب عن هذه الآثار بأن عمر -رضي الله عنه- لم يحد كل حامل فقد روى عبد الرزاق عن طارق بن شهاب قال: بلغ عمر أن امرأة مُتعبِّدَة حمَلَت فقال عُمَر أراها قامت من الليل تُصلي فخَشَعَت فسَجَدَت فأتاها غاوٍ مِن الغُواة فتَجثَّمَها، فأتته فحدثته بذلك سواء فخلي سبيلها (٣).

وروى ابن أبي شَيْبَة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزَّال بن سبرة قال بينما نحن بمنى مع عمر إذا امرأة ضخمة على حمارة تبكي؛ قد كاد الناس أن يقتلوها من الزحام، يقولون زنيت. فلما انتهت إلى عمر قال ما يبكيك؟ إن امرأة ربما استكرهت! فقالت كنت امرأة ثقيلة الرأس وكان الله يرزقني من صلاة الليل فصليت ليلة ثم نمت فوالله ما أيقظني إلا الرجل قد ركبني فرأيت إليه مُقَفِّيا ما أدري من هو من خلق الله فقال عمر لو قتلت هذه خَشِيت على الأخشبين النار ثم كتب إلى الأمصار ألا تقتل نفس دونه» (٤).


(١) وفيه التعزير إذا لم تتوافر كل شروط الحد.
(٢) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١١/ ١٨٤).
(٣) «مُصَنَّف عبد الرَّزَّاق» (٧/ ٤٠٩).
(٤) «مُصَنَّف ابن أبي شَيْبَة» (٥/ ٥١٢).

<<  <   >  >>