للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعمل بالقطعية منها.

والأدلة شاهدة على العمل بالقرائن في غير الحدود والقِصاص، سيما فيما يتعلق بالخصومات بين العباد، وهذا الذي ينبغي المصير إليه، ولا يتحقق العدل من غيره، ولا يكون للقضاء والقانون هيبة إلا به، فإن أنواع الجريمة تتعدد وأساليبها ليست تنحصر وهي تزداد يومًا بعد يوم، فكيف نحصر أدلة الإثبات ونكبل أيدي القضاة؟

وإذا لم نأخذ بالدليل المادي، فكيف نتعامل مع جرائم الشبكة المعلوماتية؟ وكيف نطرح الطب الشرعي وأدواته التي تبلغ مبلغ اليقين في إثبات ما تتصدى لإثباته، كما هو الحال في البصمة الوراثية مثلا.

أما الحدود والقصاص، فلابد من العمل بالقرائن فيهما في مرحلة التحقيق الجنائي للتضييق على المتهم (١) واستدراجه، ثم إنه إن كانت القرينة قاطعة، ولم تكن هناك بينة مما جرى العمل عليه مما في نصوص الوحيين وعمل الصحابة، دفع الحد بالشبهة، ولزمت العقوبة التعزيرية التي يقدرها القضاء. فإن درء الحد لا يعني المنع من العقوبة بالكلية (٢).

وإذا أدى استعمال القرينة إلى الإقرار فالإقرار عندها هو الدليل.

وإنما كان ذلك في الحدود لأنها تدرء بالشبهات وأكثرها حق لله ينبني على المسامحة.

أما شرب الخمر، فيقضى فيها بالقرينة القاطعة سواءٌ التي جرى العمل بها أو ما يساويها أو يزيد عليها، فيحد شاربها بذلك، وهذا لما لها من خطر عظيم على المجتمع،


(١) وقد يضرب إن كان من أهل التهمة عند بعضهم. انظر «الفَتَاوَى الكُبْرَى» لابن تَيمِيَّة (٤/ ٢٢٨).
(٢) انظر أقوال الفقهاء في التعزير في: «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١١/ ٤٠١) وانظر في «ثبوت الدية دون القود» «مُغْنِي المُحْتاج» للشِّرْبِينِيِّ (٤/ ١١٨). و «المُغْنِي» لابن قُدامة (٨/ ٤٠٣) وفيه قبول الشاهد ويمين الطالب في ما يوجب المال كشبه العمد والخطأ.

<<  <   >  >>