للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد قال في هذا الشأن الإمام ابن القَيِّم -رحمه الله-: «إنه إذا تعذرت القافة وأشكل الأمر عليها، كان المصير إلى القرعة أولى من ضياع نسب الولد وتركه هملا لا نسب له، وهو ينظر إلى ناكح أمه وواطئها، فالقرعة ههنا أقرب الطرق إلى إثبات النسب فإنها طريق شرعي، وقد سدت الطرق سواها. وإذا كانت صالحة لتعيين الأملاك المطلقة وتعيين الرقيق من الحر وتعيين الزوجة من الأجنبية، فكيف لا تصلح لتعيين صاحب النسب من غيره، والمعلوم أن طرق حفظ الأنساب أوسع من طرق حفظ الأموال والشارع إلى ذلك أعظم تشوفًا» (١).

٢ - تغليب جانب الإثبات:

من أجل حرص الإسلام على إثبات نسب لكل مولود فإنه يغلِّب جانب الإثبات على جانب النفي: قال ابن مُفْلِح: «لأن النسب يحتاط لإثباته لا لنفيه» (٢). ثم قال: «ثبوت النسب مبني على التغليب وهو يثبت بمجرد الإمكان وإن لم يثبت الوطء ولا ينتفي لإمكان النفي» (٢).

٣ - الإسلام حريص على ثبوت النسب الحقيقي:

فهو لا يرقع الواقع على حساب الحقيقة (٣) ولذلك فإن الله تعالى يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥]. ومن أجل ذلك شرع نفي


(١) «الطُّرُق الحُكمِيَّة» لابن القَيِّم (١/ ٣٤١).
(٢) «المُبْدِع» لابن مُفْلِح، إبراهيم (٨/ ٨٧).
(٣) انظر بحث الدكتور سعد الدين هلالي المقدم إلى ندوة مدى حجية استخدام البصمة الوراثية لإثبات البنوة - المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ٣، ٤/ ٥/٢٠٠٠ م. أو كتابه الموسوم بـ «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية» (ص ٢٧٦).

<<  <   >  >>