للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يصنع في الغرب لضمان المصداقية هو ما يسمى بالتعمية، فلا يدري القائمون على العمل بالمختبرات شيئًا عن شخوص المفحوصة عيناتهم، بل تأتيهم العينات مرقمة من الجهات الطالبة للتحاليل.

تقرير دقة البصمة الوراثية في التحقق من الوالدية.

وأما التوصية الأولى وهي الخاصة بتقرير دقة البصمة الوراثية في التحقق من الوالدية، فأحب أن أضيف إليها أن التحقق بالنفي آكد من الإثبات فإنه دقيق - من غير عنصر الخطأ البشري - بنسبة ١٠٠%، فإذا اشترط تعدد المعامل كانت نسبة الدقة ١٠٠% كما أظهرت ذلك الدراسات المذكورة في المطلب السابق. ولذلك أتحفظ على وصف نتيجة الاختبار بالنفي بالقرينة القوية بل هي دليل قوي (١).

ويتبع هذا التحفظ أن الاقتصار على استعمال البصمة الوراثية فيما تستعمل فيه القيافة غير صحيح؛ فإن القيافة يستعملها الجمهور في إثبات النسب عند التنازع إذا لم يكن أحد المتنازعين الزوج وكان الطفل مجهول النسب (٢). ولكن الدائرة التي يمكن استعمال البصمة الوراثية بها أوسع بكثير من ذلك؛ لما بين الطريقتين من الفرق بين ما هو قائم على الظن


(١) الجمهور يفرقون بين البينات والقرائن ويجعلون البينة محصورة في الشهادة ويرى البعض أن حصر البينة في الشهادة لا ينتهض له دليل من الوحي. انظر الكلام عن الإثبات بالدليل المادي في صدر هذا الباب. وأدلة الإثبات في الشرع تشمل البينات وغيرها، والمشكلة هنا هي أن تسمية وسيلة تقضي بنسبة ١٠٠% في عين المتنازع عليه بالقرينة فيه من توهين هذه الوسيلة ومن تزهيد الحكام فيها ما فيه، وهو مما يباعد بينهم وبين تحصيل مقصود الشارع من إحقاق الحق وإقامة العدل. وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد رأفت عثمان: «إذا كان هذا [قطعية البصمة الوراثية] ثابتًا في رأيهم [أطباء المسلمين]، لنا أن نفتي بناءً على هذا أنها دليل وبأنها أقوى من الشهادة». «الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب» (ص ١٠٣).
(٢) «الوَسِيط» للغَزالِيّ (٧/ ٤٥٥، ٤٥٦، ٤٥٧).

<<  <   >  >>