للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا أثبتت البصمة أبوته للولد، فلا يجوز له أن ينتفي من الولد (١) وإن جاز أن يلاعن للتفريق بينه وبين زوجه وإسقاط حد القذف عن نفسه، وذلك لأنها ربما زنت ولكن الولد جاء من زوجها الذي جامعها في نفس الطهر الذي زنت فيه.

أما الملاعن لغرض تهمة الزوجة بالزنا دون الانتفاء من ولد فلا شأن للبصمة الوراثية به.

وهل يأمر القاضي الملاعن أثناء حمل امرأته بالتربص حتى تلد وتُجْرَى فحوص البصمة؟ لعل هذا لن يُحْتاج إليه عمليًّا، فإن عينة من المشيمة - والتي تؤخذ والجنين في الرحم - يمكن أن تُجْرى عليها تلك الفحوص. أما إذا تعذر ذلك، فلا يستبعد أن يأمر القاضي الملاعن بالتربص، فإن الحنفية لا يجيزون ملاعنة الحامل أصلًا وهو المشهور عند الحنابلة خلافًا للمالكية والشافعية (٢)، وهذا وإن كان القول الثاني هو الأقوى لأنه ظاهر من الحديث أن هلالا -رضي الله عنه- لاعن وامرأته حامل، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «انظروه فإن جاءت به ... » ولكن ولي الأمر له أن يمنع سماع بعض الدعاوى (٣)، وهو هنا لا يزيد على تأجيل سماع الدعوى.


(١) وهذا هو المفهوم من توصيات اللجنة التي أوكل إليها دراسة موضوع البصمة من قبل مجلس المجمع الفقهي، والتي شملت من الفقهاء والأطباء الدكاترة صالح المرزوقي وعلي القره داغي ومحمد علي البار ومحمد باخطمة، قالوا: «وحينئذ [عند إرادة اللعان] تعرض المحكمة على الرجل أن يلجأ إلى البصمة الوراثية، أو تأمره بذلك، وحينما تكون النتيجة إيجابية ينتهي أمر الشك، أما إذا كانت سلبية فلا ينتفي النسب إلا باللعان». انظر «فقه القضايا الطبية المعاصرة» للقره داغي والمحمدي (ص ٣٦٥). ولقد صرح الدكتور علي القره داغي بأن هذا مراده في نفس الكتاب (ص ٣٥٥).
(٢) انظر «المُغْنِي» لابن قُدامة (٨/ ٦١).
(٣) قال به المالكية عند ظهور كذب الدعوى.

<<  <   >  >>