للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• والذي يظهر لي أن المرأة قد تعجِز في بعض الأحيان عن إثبات الوِلادة بالشهادة؛ كأن تكون وَلَدَت من غير حضور أحدٍ أو ماتت القابلة أو حصل لُبس في المستشفى أو غير ذلك. وعندها فإن استعمال البصمة الوراثية يكون مناسبًا؛ (١) فإن كانت المرأة خَلِية من الزوج جرى في حقها الخلاف الحاصل في المرأة تحمل ولا زوج لها (٢) وإن كانت ذات زوج فإن هذا الزوج إما أن يقر بالطفل أو ينفيه، وفي حالة نفيه فإنه يلجأ أيضًا إلى البصمة الوراثية لنفيه ولا تلزمه للإقرار.

• إن التقدم الطبي قد يسر لنا سبلًا ووسائل للتوصل إلى الحقيقة وإقامة العدل، مثل بصمات الأصابع التي تستخدم ضمن الأدلة الجنائية في كل أنحاء العالم. والبصمة الوراثية توصلنا إلى التأكد من صاحب النطفة التي كان منها الولد، ومن ثم يلحق به الولد الذي لا والد له غيره أو المتنازع فيه بين متساويين في الحق. وإن مقصود الشارع هو إقامة العدل والتوصل إلى الحقيقة فأيما وسيلة أوصلت إلى ذاك المقصود فحكمها حكمه (٣) ما لم تكن حرامًا أو ملغاة بدليل من الوحي. وفي نفس الوقت فإن ثبوت النسب بالفراش هو أقوى أنواع الثبوت، والنصوص ظاهرة على عدم التعرض لهذا النسب بالتشكيك. وإن التمسك بذلك ليس لترقيع الواقع


(١) وإلى هذا ذهب المشايخ محمد مختار السُّلامِيّ وحسن الشاذلي ومحمد رأفت عثمان وأحمد شرف الدين وسعد الدين الهلالي. انظر «الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب» ثبت كامل لأعمال الحلقة (ص ٢٤٩ - ١٥٢).
(٢) الحنفية يسألونها فإذا ادعت الإكراه أو الشبهة يدرءون الحد عنها، والشافعية عندهم روايتان أظهرهما أنها لا يجب عليها الحد، والمالكية قالوا إن كانت مقيمة بالحي تحد إلا أن تأتي بأمارة على استكراهها أو بينة على زواجها وإن كانت طارئة فلا. انظر «الفقة على المذاهب الأربعة»: (٥/ ١٠٠ - ١٠١).
(٣) انظر «إعْلام المُوَقِّعِين» لابن القَيِّم (٣/ ١٣٦).

<<  <   >  >>