للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينما يرى المالكية القِصاص فيها (١). واتفقوا مع الجمهور على عدم الاستيفاء في كسر عظام الرأس (٢) وما يعظُم فيه الخطر كعظام الصدر والصُّلب والعنق وما أشبه ذلك (٣).

واحتج الجمهور بعدم إمكان المماثلة، وأن الكسر لا يكون إلا إذا أصاب ما حوله من اللحم ضرر لا يمكن تقديره. واستدلوا على المالكية باتفاقهم على عدم الاستيفاء في عظام الرأس فكذلك البدن (٤).

والجواب هو الفارق بين عظام الرأس وسائر البدن وأن المالكية لا يستثنون الرأس فقط بل والصدر والصلب والعنق وما أشبه ذلك مما في كسره خطر على حياة المستوفى منه، وكل ذلك جريًا على قاعدتهم في الاستيفاء ما أمكن ما لم يؤد إلى خطر الهلاك على الجاني فلم يتناقضوا.

أما عدم إمكان المماثلة المطلقة فإن المطلوب مطلق المماثلة وإلا تعطل القِصاص فيما دون النفس جملةً.

* واستدل المانعون من القِصاص في العظام بآثار منها:

ما رواه عبد الرزاق عن عِكْرِمَة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا قود في الشلل ولا في العرج ولا في الكسر وفيه العقل» (٥).

وما رواه ابن أبي شَيْبَة:

• «عن عَطَاء عن عمر قال إنا لا نُقيد من العظام ...


(١) «تَبصِرة الحُكَّام» لابن فَرْحُون (٢/ ١٦٩).
(٢) ذكر الحافظ في «الفتح» نقل الطَّحَاوِيّ إجماعهم عليه. «فَتْح البَارِي» (١٢/ ٢٢٤).
(٣) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٨/ ١٧).
(٤) قاله الطَّحَاوِيّ -رحمه الله-. انظر «فَتْح البَارِي» (١٢/ ٢٢٤).
(٥) «مُصَنَّف عبد الرَّزَّاق» كتاب العقول باب ما لا يستقاد (٩/ ٤٦٠).

<<  <   >  >>