للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وهل يباح الإسقاط بعد الحبل؟ يباح ما لم يتخلق شيء منه. ثم في غير موضع قالوا ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما. وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح، وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة» (١).

وربما أجاب البعض بعدم وجود التعارض بين كون الجنين علقةً ووجود العظام فيه، فإن كُنْه النطفة والعلقة والمضغة التي تحدث عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بالضرورة هو ذات ما يعرف به الأطباء المعاصرون النطفة والعلقة والمضغة. بل ربما قال البعض إن المتحمسين من أطباء المسلمين سحبوا هذه الاصطلاحات على مراحل معينة لنمو الجنين توصل إليها العلم الحديث لإثبات الإعجاز في القرآن والسنة. وهذا وإن كان بعيدًا لأن هذه الكلمات لها مدلولات واضحة في اللغة العربية مما يجعل وصف الجنين الذي تميزت أطرافه من ذراعين ورجلين بل وأصابعهما بأنه علقة أو حتى مضغة بعيدًا، ولكن يمكن الدفع - مع شيء من التكلف - بأن هذه الأسماء التي أطلقها الوحي لها مدلولات غير التي يفهمها الأطباء. ولكن تبقى المشكلة الأكبر هي الجمع بين هذه الرواية وروايات أخرى في الصحيح بل والقرآن نفسه.

من هنا كانت الحاجة إلى إعادة النظر والتأمل في الفهم الشائع لهذه الرواية عن ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي ترتبت عليه أحكام في الإجهاض والعتق وغيرهما.


(١) «شَرْح فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (٣/ ٤٠١ - ٤٠٢).

<<  <   >  >>