للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل هذا الخلاف هو الذي دفع البعض إلى محاولة التوفيق بين الآراء بحمل القول بالإباحة على حالات خاصة، ومن هؤلاء ابن وَهْبان حيث نقل عنه ابن عَابِدِين في الحَاشِيَة قوله: «فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل» (١).

وهذا وجيه لأن إطلاق الجواز بإسقاط الجنين الذي مر عليه مائة يوم، وصار له رجلان ويدان ورأس وجذع من غير عذر، لهو مما تأباه الشريعة بروحها ونصها.

قول السادة المالكية:

ذهب المالكية -رحمه الله- إلى منع الإسقاط في كل أطوار الجنين، وهم في ذلك أشد المذاهب، قال الشيخ الدَّرْدِير -رحمه الله-: «ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يومًا، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعًا» (٢).

بل إن المالكية - رحمهم الله - ذهبوا إلى أبعد من هذا فمنعوا شرب الدواء الذي يقلل النسل، وفي ذلك ينقل الحَطَّاب عن الجُزُولِيّ قوله: «ولا يجوز للإنسان أن يشرب من الأدوية ما يقلل نسله» (٣).

ولم يخالف من المالكية في ذلك إلا قليل، كاللَّخْمِيّ (٣) الذي قال بقول الحنابلة، وهو جواز الإسقاط في مرحلة النطفة دون ما بعدها.


(١) «حَاشِيَة ابن عابِدِين» (٣/ ١٧٦).
(٢) «الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (٢/ ٢٦٦).
(٣) «مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (٣/ ٤٧٧).

<<  <   >  >>