للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصابعُ، كما يفيده حديث حُذَيفة. فهذه العظام التي ترى في الجنين الذي سقط بعد الأسبوع السابع، هل نقول إنها ليست عظامًا ونكذب الحس؟ هذا لا يستقيم، فإن أهل السنة لا يهملون مسلَّمات العقول ودلائل الحس، بل يأخذون بما توجبه بديهة العقل وأوائل الحس ويؤولون ظواهر النصوص التي تخالف ذلك إن صحت (١).

• فإن نحن قبلنا دليل الحس، وهي أن ابن سبعة الأسابيع له عظام، ثم أخبرنا القرآن أن العظام تخلق بعد المضغة، لظهر لنا أن المراحل الثلاث الأولى تنتهي عند انتهاء الأربعين الأولى على ما هو واضح في حديث حذيفة -رضي الله عنه- الذي يوافق ظاهر القرآن وباقي الروايات ودليل الحس. وهذا هو الحق الذي لا لبس فيه بالنسبة لمسألة التصوير والتخليق. لكن الحديث بلفظه هذا لم يشر إلى نفخ الروح، وليس من مانعٍ أن يكون التخليق يبدأ في التسارع بعد انتهاء المراحل الثلاث الأولى، فإذا استوى خلق الإنسان بعد مضي أربعة الأشهر تنفخ الروح فيه.

إلا أن لحديث حُذَيْفةَ روايةً فيها أن نفخ الروح يكون في هذه الزيارة بعد الأربعين الأولى، جاء في «السنة» لابن أبي عاصم (٢) -رحمه الله-: «ثنا أبو مسعود الجَحْدري ثنا مُعْتَمر ابن سليمان ثنا أبو عَوَانَة عن عَزْرة بن ثابت الأنصَارِيّ حدثني يوسف المَكِّي عن أبي الطُّفيل قال: كان عبد الله بن مسعود يحدث في المسجد أن الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره، قال [القائل أبو الطُّفيل] فأتيت حُذَيفة بن أَسِيد الغفاري،


(١) انظر تفصيل ذلك (ص ٥٢).
(٢) هو: أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضَّحَّاك بن مَخْلَد الشَّيبانِيّ، ويقال له ابن النبيل، عالم بالحديث، زاهد رحالة من أهل البصرة ولد سنة ٢٠٦ هـ، وولي قضاء أصبهان سنة ٢٦٩ هـ، وتوفي سنة ٢٨٧ هـ له نحو ٣٠٠ مصنف، منها: «المسند الكبير»، «الآحاد والمثاني»، وكتاب: «السنة» و «الديات» و «الاوائل». قيل: ذهبت كتبه بالبصرة في فتنة الزنج فأعاد من حفظه خمسين ألف حديث راجع ترجمته في: «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (١٣/ ٤٣٠)، «شَذَرَات الذَّهَب» (١/ ١٩٥).

<<  <   >  >>