للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كانت مرحلة المضغة تنتهي عند المائة والعشرين كما هو ظاهر حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- لكان نفخ الروح سابقًا لتمام التسوية وخلق العظام واللحم، فلزم أن يكون هناك مدة بين انتهاء مرحلة المضغة والتسوية التي يحصل بعدها النفخ.

٢ - ولقد جاءت عدة آثارٍ عن الصحابة والتابعين ذكروا فيها أن نفخ الروح يكون بعد المائة والعشرين، ولا يقولون في ذلك بالاجتهاد.

أ- ففي «جامع العلوم والحكم»: «فأما نفخ الروح فقد روي صريحا عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنه ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر، كما دل عليه ظاهر حديث ابن مسعود فروى زيد بن علي عن أبيه عن علي قال: «إذا تمت النطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكا فينفخ فيها الروح في الظلمات فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: ١٤]» خرجه ابن أبي حاتم وإسناده منقطع. وخرج اللالَكَائِيّ (١) بإسناده عن ابن عباس قال: «إذا وقعت النطفة في الرحم مكثت أربعة أشهر وعشرًا ثم نفخ فيه الروح ثم مكثت أربعين ليلة ثم بعث إليها ملكًا فنقفها في نقرة القفا وكتب شقيًّا أو سعيدًا» وفي إسناده نظر» (٢).

ب- وعن سعيدِ بن الْمُسَيَّبِ -رحمه الله- في السقط إذَا وَقَعَ ميِّتا قال: «إذَا نُفِخَ فيه الرُّوحُ صُلِّيَ عليه وَذَلِكَ لأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ» (٣).


(١) هو: أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطَّبَرِيّ الرَازِيّ اللالَكَائِيّ، حافظ للحديث، من فقهاء الشافعية من أهل طبرستان، استوطن بغداد، وخرج في آخر أيامه إلى الدينور فمات بها كهلًا سنة ٤١٨ هـ، قال الزبيدي: نسبته إلى بيع اللوالك التي تلبس في الأرجل، على خلاف القياس له: «شرح السنة» وكتاب في السنن، و «أسماء رجال الصحيحين». راجع ترجمته في: «السِّيَر للذَّهَبِيّ» (١٧/ ٤١٩)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة» لابن قاضي شُهْبَة (٢/ ١٩٧)، «شَذَرَات الذَّهَب» (٢/ ٢١١).
(٢) «جامِع العُلوم والحِكَم» لابن رجب (١/ ٥٢).
(٣) «مُصَنَّف ابن أبي شَيْبَة» كتاب الجنائز، باب ما قالوا في السقط من قال يصلى عليه (٣/ ١٠).

<<  <   >  >>