للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل كيف نقبل هذا الإجماع ومستنده على غير ما فهمه الجمهور وأدى إلى هذا الإجماع؟ كان الجواب بأن الإجماع نصي وغير نصي، وكلاهما إجماع مقبول، وإن لم يعلم المستند من النص، فإن الأمة معصومةٌ بمجموعها.

* وليس هذا الحديث هو الدليل الأوحد على نفخ الروح بعد أربعة الأشهر، وإن كان الوحيد بهذه الصحة والصراحة، ولكن هناك أدلة أخرى منها:

١ - إشارة القرآن:

فإن الله تعالى يذكر أن نفخ الروح إنما يكون بعد التسوية فيقول: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة: ٩].

فالنفخ ينبغي ألا يكون إلا بعد التسوية، وكما ذكر العيني -رحمه الله-: «بعد تمام التصوير» (١).

ولا شك أن التسوية تكون بعد خلق العظام واللحم ليصلح الجسم لأن يكون خلقًا آخر كما قال الله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤].

وجمهور أهل التفسير على أن المقصود بإنشائه خلقًا آخر هو نفخ الروح (٢). ومن الطريف أن ابن حَزْم -رحمه الله- بدأ بهذه الآية لما أراد أن يستدل على كون نفخ الروح إنما يكون بعد تمام أربعة الأشهر (٣).


(١) «عُمْدَة القَارِي» للعيني (٣/ ٢٩٣).
(٢) انظر «جَامِع البَيَان عن تَأوِيل آيِ القُرآن» للطَّبَرِيّ (١٨/ ٩)، «تفسير القرآن» للسَّمْعَانِيّ (٣/ ٤٦٧).
(٣) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (٩/ ١٨٧).

<<  <   >  >>