وقال ابن حمدان:"الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له أولًا في الاصطلاح الذي به التخاطب، والحقيقي: هو اللفظ المستعمل كذلك".
فجعل ابن حمدان الحقيقة "استعمال اللفظ" وغيره جعلها "اللفظ المستعمل" ووجه حصر الحقيقة في الأقسام الثلاثة المتقدمة أن اللفظ إن كان موضوعًا في أصل اللغة لمعنى واستمر من غير طريان ناسخ عليه فهو الحقيقة اللغوية، وأن طرأ عليه ناسخ فنقله إلى اصطلاح آخر فإن كان لتأويل الشرع فهي الشرعية، أو العرف فهي العرفية، فثبت أن اللغوية أصل للكل.
وقد منع الأصفهاني إدخال الثلاثة في حد واحد من جهة اختلاف معنى الوضع فيها، فإن الوضع في اللغوية بمعنى الاصطلاح، وهو تعليق لفظ بمعنى، وأما في الشرعية والعرفية فليس بهذا المعنى، إذ لم ينقل عن الشرع وضع لفظ الصلاة بإزاء معناها الشرعي بل غلب استعماله لها بإزاء المعنى الشرعي بحيث صارت الحقيقة اللغوية مهجورة وكذلك العرفية إنما اشتهرت بكثرة الاستعمال دون الوضع.
قال: وحينئذ إن خصصنا لفظ الوضع في الحد بالاصطلاح خرجت الشرعية والعرفية، وإن لم نخصه (١) خرج الاشتراك، وهو مما تصان الحدود عنه قال: فيجب أن لهما حدًا غير حد اللغوية بأن يقال المستعمل فيما غلب استعماله.