للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجة المانعين من وجوه (١).

أحدها: أن المذاهب لتوافر انهراع الناس إليها، وتعويلهم عليها صارت كالشرائع والملل المختلفة، ولا ترجيح في الشرائع.

وردّ: بأن انهراع الناس إنما لا يخرجها عن كونها ظنية تقبل الترجيح.

الثاني: لو كان للترجيح مدخل في المذاهب لاضطربت الناس، ولم يستقر أحدٌ على مذهب إذ كان كلما ظهر له رجحانُ مذهب، دخل فيه وترك مذهبه، فلذلك لم يكن للترجيح فيه مدخل.

وردّ: بأنّ من ظهر له رجحان مذهب وجب عليه الدخول فيه. كما يجب على المجتهد الأخذ بأرجح الدليلين.

الثالث: أن كل واحد من المذاهب ليس متمحِّضًا في الخطأ ولا في الصواب، بل هو مُصيب في بعض المسائل، مخطئٌ في بعضها وعلى هذا، فالمذهبان لا يقبلان الترجيح لإفضاء ذلك؛ أي: الترجيح بين الخطأ والصواب في بعض الصور، أو بين خطأين وصوابين، والخطأ لا مدخل للترجيح فيه اتفاقًا.

ومن هنا قيل: النزاع لفظي، لأن من نفى الترجيح، أراد لا يَصحّ ترجيح مجموع مذهب على مجموع مذهب آخر لما تقدم. ومن أثبت الترجيح أثبته باعتبار مسائلها الجزئية (٢). والله تعالى أعلم.


(١) انظر: البحر المحيط للزركشي (٦/ ١٣٠)، والتحبير للمرداوي (٨/ ٤١٤٧)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/ ٦٢٢).
(٢) انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٨٢)، والتحبير للمرداوي (٨/ ٤١٤٧)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/ ٦٢١).