للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفوا هل هو واجب على الكل (١) أو على البعض على قولين. الجمهور أنه واجب على الكل، ووجه (٢) تأثيم الجميع عند الترك، والإثم فرع الوجوب، وإنما سقط بفعل البعض, لأن المقصود به تحصيل تلك المنافع كإنقاذ الغريق وتجهيز الميت ونحوه، ولا تتكرر المصلحة بتكرره بخلاف فرض العين، فإن القصد منه تعبد جميع المكلفين، فلا يسقط بفعل البعض لبقاء المصلحة المشروعة (٣) لها وهو تعبد كل فرد فرد.

والثاني: أنه على البعض، ونسب إلى اختيار الرازي وقدمه التاج السبكي (٤) واحتج بقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} (٥) وقوله {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} (٦) وبأنه سقط بفعل البعض فلا يكون واجبًا على الكل؛ لأن الواجب عليه لا يسقط بفعل غيره.

رد: لا نسلم أن الواجب لا يسقط بفعل غيره, لأن


(١) راجع تحرير المنقول للمرداوي (١/ ١٥٤)، والقواعد والفوائد للبعلي ص (١٨٧)، والمسودة ص (٣٠)، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد (١/ ٢٣٤)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (١/ ١٨٤)، وفواتح الرحموت (١/ ٦٢ - ٦٣).
(٢) كذا في الأصل والصواب: "وجهه".
(٣) كذا في الأصل والمراد بقاء المصلحة التي من أجلها شرع فرض العين.
(٤) وهو اختيار البيضاوي، وخالف اختيار تقي الدين السبكي اختيار ابنه حيث اختار قول الجمهور.
انظر: منهاج الوصول للبيضاوي بشرحه نهاية السول (١/ ١٨٥)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (١/ ١٨٤)، والإبهاج بشرح المنهاج (١/ ١٠٠).
(٥) سورة آل عمران: (١٠٤).
(٦) سورة التوبة: (١٢٢).