للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحن نوافق قوله أنه لا يجوز الإخلال بأجمعها ولا يجب الجمع بين اثنين منها، فأما كون كل واحد منها مرادا فالخلاف يقع فيه لأنا نقول أن الواجب واحد معين عند الله تعالى "وذكر كلامه المتقدم" (١).

قال القطب: وتكلف أبو الحسين (٢) البصري رد الخلاف بين الفقهاء والمعتزلة إلى اللفظ دون المعنى قائلًا: إنهم يعنون بوجوب الجميع على التخيير أنه لا يجوز الإخلال بجميعها, ولا يجب الإتيان (٣) به وللمكلف اختيار أي واحد كان. وهو بعينه مذهب الفقهاء فلا خلاف في المعنى (٤).

وأما في اللفظ فالخلاف أن المعتزلة يقولون بوجوب الجميع على التخيير، والفقهاء بوجوب واحد من حيث هو أحدها، وأيضًا المعتزلة يطلقون الواجب على كل فرد بالحقيقة وعلى المشترك بالمجاز والفقهاء يعكسون فيهما.

وفي كون هذا رافعًا للخلاف المعنوي نظر وحكم عليه من جهة الثواب والعقاب، قال في تشنيف المسامع: قال المحققون منا كإمام الحرمين والشيخ أبي إسحاق وغيرهما ومنهم كأبي (الحسين) (٥) البصري: إنه لا خلاف بين الفريقين في


(١) المرجع السابق (١/ ٣٣٦ - ٣٣٧).
(٢) في الأصل "الحسن".
(٣) والمراد ولا يجب على المكلف الإتيان بجميع الأشياء التي ورد بها الأمر على طريق التخيير وللمكلف ... الخ.
(٤) انظر: المعتمد لأبي الحسين (١/ ٨٩).
(٥) في الأصل: "الحسن".