للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه ما قاله بعض أصحابنا وهو وجوب ما كان شرطًا شرعيًّا دون غيره لأن الشرط الشرعي تعتبر له النية بخلاف غيره، ألا تر أنَّ الطهارة للصلاة يشترط لها النية كما شرطت للصلاة بخلاف غسل جزء من الرأس وإمساك جزء من الليل فإنه لا تشترط له النية.

وإذا قلنا بوجوبه فهل يعاقب تاركه أم لا؟ الذي ذكره القاضي في الحج عن ميت من ميقات أنه يعاقب كما يثاب (١)، وقاله الآمدي وغيره لما مرّ حد الواجب وهو ما عوقب تاركه، أو توعد على تركه أو ذم على الخلاف المتقدم (٢).

وقال الشيخ موفق الدين وغيره: لا يعاقب عليه؛ لأن العقاب إنما يكون على الأصل لا على الوسيلة (٣).

قال أبو العباس: الذي يجب أن يقال في هذه المسألة: إن الواجب له معنيان:

أحدهما: الطلب الجازم، والثاني: المعاقبة والذم على الترك والوجوب عند الجمهور من أصحابنا وغيرهم يتصور بمجرد القسم الأول، فيكون وجوب هذه اللوازم من باب الأول لا الثاني، إذ لا يعاقب المكلف على ترك هذه اللوازم، بدليل أن من بعدت داره عن المسجد أو مكة لا تزيد عقوبته على عقوبة من


(١) انظر: المغني (٣/ ٢٤٤) حيث ذكر الموفق أنه يحج عنه من حيث مات.
(٢) انظر: تحرير المنقول للمرداوي (١/ ١٦١)، والأحكام للآمدي (١/ ٨٤).
(٣) روضة الناظر ص (١٩ - ٢٠).