وكلما كان العصر مليئًا بالفتن والاضطرابات، كان نتاج أبنائه أقل، فلصفاء الذهن بالأمن على النفس والأهل والولد والحياة المعيشية وغيرها أثر على طالب العلم، وعلى عطاء العلماء، وقد كانت دولة المماليك من أفضل وأقوى الدول التي تحكم الدول الإسلامية، فكان لها أثر على الجراعي ومن عاش في عصره.
فالجراعي نشأ بين عام:(٨٢٥ هـ) وعام: (٨٨٣ هـ) أي من نهاية سلطنة السلطان الصالح محمد بن الظاهر ططر: (٩٢٥ هـ) وبداية سلطنة الأشرف برسباي الدقماقي: (٨٢٥ هـ) إلى السنة الحادية عشرة من حكم السلطان الأشرف قايتباي المحمودي.
وكان أغلب هذه الفترة يسودها الأمن والهدوء، وتقلُّ الاضطرابات الداخلية كما نشطت فيها الحركة العلمية نشاطًا ملحوظًا، فرغم بعض الاضطرابات الداخلية فقد ازداد فيها عدد العلماء، وبنيت فيها المدارس، وألفت فيها المؤلفات، وكثر الإقبال على العلم.
بل كان السلاطين والوزراء أنفسهم يحرصون على وجود حياة علمية، بل ويتفاخرون في إنشاء المدارس ودور العلم، وكانوا يكنون للعلماء كل تقدير واحترام.
وشارك العلماء مشاركة فعلية في إدارة البلاد وشؤون الحكم وولي كثير منهم مناصب هامة في الدولة إلى جانب المناصب المخصصة له كالقضاء والتدريس والإفتاء التي كانت خاصة بالعلماء، وقد تولى تلك المناصب إمامنا الإمام تقي الدين الجراعي وشارك مع من شارك.