أحدهما: أن تصور غير العلم متوقف على تصور العلم، لأن غير العلم لا يعلم إلا بالعلم، فلو علم العلم بغيره لتوقف تصوره على تصور غيره المتوقف على تصوره، فيتوقف تصور العلم على تصوره، وهو دور باطل.
وأجيب: بأن توقف تصور غير العلم على حصول العلم بغيره لا على تصوره فلا دور.
قال القطب: "ويمكن أن يجاب بوجه آخر، وهو أن نقول: أن توقف تصور غير العلم على العلم هو من جهة كون العلم إدراكا له، وتوقف تصور العلم على الغير ليس من جهة كون ذلك الغير إدراكًا له، بل من جهة كونه صفة مميزة له عما سواه ومع اختلاف جهة التوقف فلا دور.
الوجه الثاني: أن كل أحد يعلم وجوده ضرورة -وهذا علم خاص- ويلزم منه أن يكون مطلق العلم ضروريًا، لأن مطلق العلم جزء من العلم الخاص.
وجوابه: أنا لا نسلم أن كل أحد إذا علم وجود بالضرورة تصور العلم الخاص، لأن المعلوم هاهنا وجوده، لا العلم بوجوده حتى يلزم ما ذكره، غاية ما في الباب أنه حصل علمه الخاص، لكن لا يلزم من حصول العلم بالشيء تصور ذلك العلم، لأنه لا يلزم من حصول أمر تصوره أو تقدم تصوره على حصوله (١).