للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستبعد- ومدى تأثرهم في ذلك بالحضارات الأجنبية، فلا علم لنا بهما (٦٦). ومما يفوق الترجيح أن تأثيرا أجنبيا كان قائما في صدر الإسلام ومن بعده، جرّ إليه الاختلاط بأصحاب الحضارات الأجنبية، وإن لم تترجم مؤلفات معجمية إلى العربية.

وكان المسلمون في القرن الأول للهجرة/ السابع للميلاد يدركون هذا التأثير، على ما يؤخذ من قول أبى مسلم، مؤدب الخليفة عبد الملك بن مروان (المتوفى سنة ٨٦/ ٧٠٥) الذى انتقد فيه النحاة العرب:

قد كان أخذهم في النحو يعجبنى ... حتى تعاطوا كلام الزّنج والرّوم (٦٧)

أما مسألة تأثر الخليل بترتيب الهنود لحروف الأبجدية تبعا لمخارجها فيمكن عدّها أمرا مفروغا منه.

وفي هذا المجال خاصة فإن تأثر أصحاب حضارة ما بحضارة أخرى أو تلقّيهم تراث حضارة أجنبية في مرحلة نشوء علم من العلوم وتطوره لا يغض البتة مما لهم فيه من إنجازات وإضافات مبتكرة.

على أنّ المهم في الأمر هو أن تكون الظروف/ مهيّأة في أحد المجتمعات مع توافر القدرة والاستعداد جميعا لإدراك العناصر التى يجدى اقتباسها، ثم المداومة على بحثها وتنقيحها.

ومن وجهة النظر هذه ينبغى لنا أن نقدر أيضا مؤلفات العلماء العرب والمسلمين قدرها في التاريخ العام للعلوم. ويعدّ أول حافز إلى تفسير الالفاظ عند المسلمين هو جهودهم الأولى لفهم نص القرآن. وبقطع النظر عن بعض نواحى القصور، من وجهة نظرنا العلمية الحديثة، فإن للغويي العرب انجازات جليلة «لا يضاهيها إلا


(٦٦) ينبغى أن ننبه هنا إلى أنه وجدت في بلاد الرافدين في الألف الأول ق. م قائمة مترادفات بالأكدية، مرتبة على الموضوعات، فضلا عن مجاميع أخرى من المترادفات، انظر دورنزيف:
Fr. Dornseiff, Derdeutsche Wortschatznach Sachgruppen, Berlin ١٩٥٩, ٣٠.
(٦٧) انظر طبقات الزبيدى ص ١٣٦؛ إنباه الرواة للقفطى ٣/ ٢٩٢؛ بروكلمان الملحق ١/ ١٥٥ - ١٥٦؛ تاريخ التراث العربى ١/ ٢٣ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>