إذا وضعنا فى الاعتبار أن العرض المفرد وكذلك التناول الشامل لأحوال الشعراء وأخبارهم قد بدأ فى القرن الأول للهجرة/ السابع للميلاد أو فى القرن الثانى/ الثامن، وأن أصحاب نحو تلك التآليف كانوا فى الأغلب من اللغويين، وأن العناية بالتراجم أيضا قد ظهرت فى مجالات شتى للعلوم العربية الإسلامية فى القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد (انظر تاريخ التراث العربى ٢/ ٩٢؛ ٦/ ٦٠)، جاز لنا افتراض أنه لم يفت هؤلاء اللغويين أن يجمعوا أخبار سابقيهم أيضا. ويؤسفنا أننا لا نعرف أسما لكتاب فى تراجم اللغويين يرجع إلى ذلك العصر المتقدم. ولم يقع لنا إلا بعض أقوال وردت فى مصادرنا تجعلنا نظن أنها ترجع إلى تلك المؤلفات المتقدمة فى التراجم.
ويؤسفنا أيضا أن نقول ابن النديم فى هذا الصدد لا تعيننا كثيرا. والظاهر أنه فيما يتعلق بالنحويين واللغويين قد أستعمل فى الأكثر كتب تراجم لمؤلفين تقدموه مباشرة كأبى جعفر بن رستم الطبرى (المتوفى نحو سنة ٣١٠/ ٩٢٢، انظر فصل النحو)، وأبى الحسين الخزّار (المتوفى سنة ٣٢٥/ ٩٣٧، انظر فصل النحو)، وأبى الطيب ابن أخى الشافعى (وكان فى النصف الأول من القرن الرابع للهجرة/ العاشر للميلاد، انظر فصل النحو)، وأبى الفتح جخجاخ النحوى (المتوفى نحو سنة ٣٥٨/ ٩٦٩).
وفى أحوال قليلة ترجع مصادر ابن النديم فى هذا الصدد إلى مؤلفين من زمن سابق كأبى الطيب اليوسفى الكاتب (المتوفى نحو سنة ٢٦٠/ ٨٧٤، انظر مقدمة فصل النحو)، وأبى العباس أحمد بن يحيى ثعلب (المتوفى سنة ٢٩١/ ٩٠٤، انظر مقدمة فصل النحو).