للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول في هذا الصدد إننى بعد قراءة عجلى لما بين يدى من مؤلفات الثعالبى قد تولّد لدىّ انطباع بأصالته، ومردّ هذه الأصالة قبل كل شئ إلى أنه انتخب مادته مما كان يهمه ويعنيه من كتب غيره من العلماء العرب في اللغة والأدب الممتع والبلاغة والنحو/ وتاريخ الأدب والأخلاق والسياسة تبع لاعتبارات أسلوبية، وإلى أنه جرى في عرضها على خطة غير التى جرى بها الاصطلاح.

ومن المؤكد أن هذه الطريقة في عرض المادة قد وجدت من عنى بها من قبله، ولكن يبدو أنه اعترف بها في صمت على أنها القاعدة الوحيدة في ترتيب المادة، والتزامها دونما تغيير مدة حياته.

والظاهر أنه كان يرى أن تعريفات المفاهيم أدنى تأثيرا في القارئ من تبويب المادة وتقسيمها تقسيما منهجيا.

إن إصدار حكم سديد في مدى أصالته في هذا الصدد يتوقف على ما سيثبت البحث أنه كان من نتاجه الخاص به. ويقدم لنا هو نفسه بعض الدلائل التى تومئ إلى أصالته؛ ومثال ذلك أنه يقرّر في كتابه «تحسين القبيح وتقبيح الحسن» - الذى جمع فيه مادة من الشعر والنثر مرتبة على قاعدة مدح القبيح وذم الحسن- أنه لم يسبقه أحد إلى ذلك. وطائفة من مؤلفاته مفردة لبعض موضوعات البلاغة. ولم يقصد الثعالبى فيها إلى عرض تمهيدى أو أسلوب تعليمى مصحوب بالتعريفات، بل رمى إلى أن يجمع نصوصا تمكّن القارئ من تقدير القيمة الجمالية.

ولا يبعد أبدا أنه مهد السبيل لكتاب «أسرار البلاغة» لعبد القاهر الجرجانى (المتوفى سنة ٤٦٣/ ١٠٧١)، كما سيتضح هذا أيضا بعض الاتضاح في مجال «نحو الأساليب» (انظره).

ولم يجر الثعالبى في مصنفاته اللغوية ومجموعات أمثاله التى وصلت إلينا- ولعل ذلك أيضا فيما ضاع منها- على الخطط المتبعة في الكتب المعتمدة، وإنما اختار


- من إحداهما، وهى أطروحة للزميل الأوزبكى عصمة الله؛ أما الدراسة الأخرى فهى أطروحة ماجستير ل ع. الجادر: «الثعالبى ناقدا وأديبا»، بغداد ١٩٧٦ (انظر المورد ٧، ١/ ١٩٧٨/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>