بنت بنته، وأبو الحسن رجل عظيم القدر، وافر العقل، واسع العلم، كثير الطلب للحديث، حسن التصنيف، مدمن الدرس والمذاكرة، ينظر في فنون العلم والآداب، متوسط في الفقه على مذهب مالك، ولا أعلم قاضيًا تقلد القضاء بمدينة السلام من بني هاشم غيره، ثم قلده المطيع قضاء الشرقية مضافًا إلى مدينة المنصور، وذلك في رجب سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، فصار على قضاء الجانب الغربي بأسره إلى شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، فإن بغداد جمعت لأبي السائب عتبة بن عبيد الله، وقلد القاضي أبو الحسن مصر وأعمالها، والرملة وقطعة من أعمال الشام. وقال أبو علي البَصْري: قال عضد الدولة يومًا وأنا حاضر -وقد جرى ذكر أهل بغداد، وكان يذمهم ويثلبهم-: ما وقعت عيني من هذا البلد على أحد يستحق التفضيل، أن يسمى برجل غير نفسين؛ ولما ميزتهما علمت أنهما ليسا من أهل بغداد، فتشوقت لمعرفتهما، ولم أسأل عنهما، وبأن له ذلك في وجهي فقال: أما أحدهما وأولاهما بالتفضيل فأبو الحسن بن أم شيبان؛ وهو كوفي. وقال محمد بن أبي الفوارس: كان نبيلًا سريًا فاضلًا، وما رأينا مثله في معناه في الصدق. وقال الخطيب: ولي القضاء ببغداد، وحدث بها. وقال القاضي عياض في "المدراك": ذكره صاحب الكتاب الحكمي في هذه الطبقة -أي الطبقة السادسة- قال: وعنده كان يجتمع المالكية أصحاب أبي بكر الأبهري ببغداد للنظر. وقال الذهبي في "النبلاء": قاضي القضاة، كان كبير القدر، إمامًا. وقال في "التاريخ": كان من خيار القضاة في زمانه مع الشرف والعلم.
ولد يوم عاشوراء من سنة أربع وتسعين ومائتين، ومات فجأة في