توقعني في شغل قلب، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأن أبا محمَّد ولدي يحب الدنيا والله تعالي يبغضها، وأنا لا أحب من يحب ما يبغضه الله، والله تبارك وتعالي يبغض الدنيا، توفي أبو عبد الله منصرفه من الحج ببغداد، غرة صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، ودفن يوم الثلاثاء في مقبرة الخيزران، وصلى عليه ابنه أبو محمَّد، وكان معه ودفنه بقرب أبي حنيفة. وقال الخطيب في "تاريخه": قدم بغداد حاجًا وحدث بها، فروى عنه من أهلها أبو حفص بن شاهين، وكان ثقة، وكان فقيهًا عارفًا بمذهب أبي حنيفة، ورغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة، ويقال إنه لم ير في وقته لأهل الرأي أشد اجتهادًا ولا أدوم صيام النهار، وقيام الليل منه، مع صبره على الفقر وطلبه للكسب الحلال، وأكله من عمل يده. وقال الذهبي: الإمام الفقيه المأمون الزاهد العابد، عظمه الحاكم وبجله.