إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)} [آل عمران: ١٠٢]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} [النساء: ١]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد: فهذه هي المجموعة الثالثة من "سلسلة تقريب رواة السنة بين يدي الأمة"، والتي ظلت أصولها حبيسة الأدراج أكثر من خمس سنوات، وها أنا اليوم أتشرف بتقديمها خدمة لأهل العلم وطلابه، وراجيًا من الله تعالي أن أكون بذلك ممن قد ساهم وضرب بسهم في سبيل حفظ السنة الغراء، وتقريب ما تناثر وتباعد من حملتها ورواتها الفضلاء، الذين سلكوا محجة الصالحين، واتبعوا آثار السلف الماضين، ودمغوا أهل البدع والمخالفين، بحفظهم سنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والذين آثروا قطع المفاوز والقِفَار، على التنعم في الدمن والأوطار،