الاعتزال. قال الذهبي في "النبلاء": قلت: قد مر موته، والكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لورطة، ولعله رجع عنها، وقد يُغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق ولا قوة إلا بالله. وقال ابن الملقن في "العقد المذهب": ومن تصانيفه تفسير كبير قيل ينصر فيه ما يوافق المعتزلة، فلهذا قال الصعلوكي فيه: إنه دفنه في وقته. وقال ابن عساكر في "التبيين": بلغني أنه كان في أول أمره مائلًا عن الاعتدال قائلًا بمذاهب أئمة الاعتزال، والله أعلم. قال السبكي: قلت: وهذا فائدة جليلة، انفرجت بها كربة عظيمة، وحسيكة في الصدر جسيمة؛ وذلك أن مذاهب تحكي عن هذا الإِمام في الأصول، لا تصح إلا على قواعد المعتزلة، وطالما وقع البحث في ذلك حتى توهم أنه معتزلي.
وقال مرة: قلت: وقد انكشفت الكربة بما حكاه ابن عساكر، وقد ذكر الشيخ أبو محمَّد الجويني في "شرح الرسالة": أن القفال أخذ علم الكلام عن الأشعري، وأن الأشعري كان يقرأ عليه الفقه، كما كان هو يقرأ عليه الكلام، وهذه الحكاية تدل على معرفته بعلم الكلام، وذلك لا شك فيه، كذلك تدل على أنه أشعري، وكأنه لما رجع عن الاعتزال، وأخذ في تلقي علم الكلام عن الأشعري فقرأ عليه على كبر السِّن، لعليِّ رتبة الأشعري، ورسوخ قدمه في الكلام، وقراءة الأشعري الفقه عليه تدل على عُلوِّ مرتبته أعني مرتبة القفال وقت قراءته على الأشعري، وأنه كان بحيث يحمل عنه العلم. وقال السمعاني: أحد أئمة الدنيا في التفسير والحديث والفقه واللغة. وقال مرة: إمام عصره بلا مدافعة، وكان إمامًا أصوليًا لغويًا محدثًا شاعرًا، أفنى عمره في طلب العلم ونشره، وشاع ذكره في الشرق والغرب،