الطوسي، ما رأيت في مشايخي أحسن صلاة ولا أبعد عن الذم منه، وكان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويتصدق بالفاضل من قوته، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سمع بطوس: تميم بن محمَّد، وإبراهيم العنبري، وكتب عنهما جميعًا "المسند" فقد صنفاه، رحلت إليه إلى طوس مرتين، وسألته متى تتفرع للتصنيف مع ما أنت فيه من هذه الفتاوى الكثيرة، والتوسط؟ فقال: جزأت الليل ثلاثة أجزاء: جزء للتصنيف، وجزء لقراءة القرآن، وجزء للنوم، وسمعت أحمد بن منصور الحافظ يقول: أبو النضر يُفتي الناس من سبعين سنة أو نحوها، ما أخذ عليه في فتوى قط. وقال لي أبو أحمد الحافظ لما دخلت طوس وهو على قضائها: ما رأيت قط في بلد من بلاد الإِسلام مثل أبي النضر -رحمه الله تعالي-. قال أبو عبد الله: وسمعت أبا الفضل بن يعقوب العدل يقول: سمعت الثقة من أصحابنا يقول: رأيت أبا النضر في المنام بعد وفاته بسبع ليال فقلت له: وصلت إلى ما طلبته؟ فقال: إي والله نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبشر بن الحارث يحجبنا بين يديه ويرافقنا، فقلت له: كيف وجدت مصنفاتك في الحديث؟ قال: قد عرضتها كلها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضيها. وقال الخليلي في "الإرشاد": كان الحاكم يسميه العدل الرضا، سمع بنيسابور: محمَّد بن محمويه، والعباس بن حمزة، وبهراة: الفضل بن عبد الله بن خُرُّم اليشكري، والحسين بن إدريس وأقرانهم. وقال السمعاني في "الأنساب": من أهل طابران طوس، كان إمامًا وزاهدًا ورعًا، حسن السمت والسيرة. وقال ابن عبد الهادي في "طبقاته": الإِمام الحافظ الفقيه شيخ الشافعية، خرج "الصحيح على كتاب مسلم"، وكان أحد الأعلام.