خراسان وأحسنهم بيانًا، وأفصحهم لسانًا، ولقد صحبته في السفر والحضر فما رأيته يتكلم بالفارسية إلا من يعلم أنه أعجمي لا يحسن العربية، وكنت معه ببغداد والحرمين سنة إحدى وأربعين، فتحير أهل تلك الديار من فصاحته وحسن بيانه، حتى أن المشايخ البغدادبين يقولون: إن شيخ خراسان كأنه لم يتكلم بالفارسية قط، سمع الحسين بن الفضل البجلي، والفضل بن محمَّد الشعراني، وجعفر بن محمَّد بن سوار، وعبدان بن الحكم، وأكثر سماعه قبل الثمانين والمائتين، وكان قد ضيع جملة من سماعاته، وقد بني بنيسابور دارًا لأهل الحديث، وكان يجُري عليهم الأرزاق، وكان أبو علي الحافظ يتولي قراءة "التاريخ" لأحمد بن حنبل عليه، وتوفي ليلة الفطر من سنة خمسين وثلاثمائة وهو ابن تسع وثمانين. وفي "المختصر من تاريخ نيسابور": كان أحد وجوه خراسان - رضي الله عنه - من إنشاده:
وما حالاتنا إلا ثلث شباب ... ثم شيب ثم موت
ومن إنشاده -في وقت دخوله على بعض الوزراء-:
ألم تَرأنيّ أزور الوزير وأمدحه.
ثم أستغفر وأثني عليه
ونثني على وكل بصاحبه نسخر.
وقال الذهبي في "النبلاء": الإِمام رئيس نيسابور، أحد البلغاء والفصحاء، بني دارًا للمحدثين، وأدرَّ عليهم الأرزاق.
قلت:[ثقة جليل القدر أحد البلغاء الفصحاء].
"المستدرك"(١/ ٨٣)، "المدخل إلي معرفة كتاب الإكليل"(٤٤)،