وقال في "تاريخه": الأديب الفقيه الزاهد، سمع الحديث بالعراقين والحجاز ومصر والشام، وكانت رحلته في التصوف، وكان الأمير أبو علي بن ناصر الدولة جالسة وتلمذ له، وتخرّج به، ورد نيسابور غير مرة فلم يحدث، ثم سألته فحدث بنيسابور سنة إحدى واثنتين وتسعين وثلاثمائة. وحكى لنا عنه أن رأى في المنام مُنشدًا يُنْشِدُ هذا البيت
اتفْرَح بالأيام تمضي وتنقضي ... وعُمرك فيها لا محالة يذهبُ
قال: فلما استيقظت أضفت إليها بيتًا آخر:
عجِبْتُ لمختار الغِنى وهو فَقْرُه ... وعامر دارس وهو في الدار يخربُ
وسمعت أبا القاسم يقول: كنا نختلف إلى مجالس سيف الدولة بالشام، فكاد أن يقع في نفسي ما ليس من مذهبي، فقلت:
الدهر ساومني عمري فقلت له ... لا بعت عمري بالدنيا وما فيها
ثم اشتراه تفاريقًا بلا ثمن ... تبت يدا صفقة قد خاب شاريها
ذلت صعاب المعاني لي فأدركها ... فهمي ونفسي أعيتني معانيها
وأنشدني لنفسه في المحبرة:
له قلب زنديق ووجه موحد ... وآذان مرجئ وحلقوم مجبر
وقسوة معشوق وذلة عاشق ... وظاهر كافور وباطن عنبر
وقال السمعاني: كان أديبًا فاضلًا، وشاعرًا بارعًا.
مات بقاين في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
قلت: [صدوق أديب وفقيه زاهد].
"مختصر تاريخ نيسابور" (٤١/ أ)، "الأنساب" (٤/ ٥٤٣)، "بغية الطلب" (٥/ ٢٢٧٥).