للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال لأبي نصر: من هذ الكهل؟ قال: أبو فلان، فقام إلي، وقمت إليه، وشكى شوقه، وشكوت مثله، واشتفينا من المذكرة، وجالسته مرارًا، ثم ودعته يوم خروجي، فقال: يجمعنا الموسم، فإن علي أن أجاور، ثم حج سنة ثمان وستين وجاور إلى أن مات، وكان يجتهد ألا يظهر لحديثٍ ولا لغيره، وحدثني أبو نصر البزاز أنه مرض بمكة -حرسها الله-، وكان الناس يعودونه، وهو يخالفهم بغير أخلاقه التي كان عليها من التقرب لهم والبسط والدعاء، ويظهر الفرح بأن الله قد أجاب بأن يقبض بمكة -حرسها الله-، فقبض بها. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: دخل خراسان وأقام بسمرقند سنين، ورجع إلى بغداد، صحب النفيلي ومن فوقه من البغداديين، وهو أوحد المشايخ في طريقته من لزوم الشريعة، والرجوع إلى علم الظاهر، وحفظ الحديث مع تمكنه في حاله وعلوه فيه. وقال أبو عمرو بن نُجيد: ما دخل خراسان أحد فبقي على بكارته، لم يتدنس منها بشيء إلا أبو مسلم البغدادي. وقال محمد بن أبي الفوارس: كان أبو مسلم قد صنف "المسند"، والثوري، وشعبة، ومالك، وأشياء كثيرة، وكان ثقة ثبتًا زاهدًا، ما رأينا مثله. وقال الخطيب: جمع أحاديث المشايخ والأبواب، وكان متقنًا حافطا، مع ورع وتدين وزهد وتصوُّن، وسمعت أبا العلاء ذكره يومًا فرفع من قدره وأطنب في وصفه، وقال: كان الدارقطني والشيوخ يعظمونه. وقال رشيد الدين العطار: أحد الحفاظ المصنفين، والزهاد المتورعين، والثقات المتثبتين. وقال ابن عبد الهادي: الإمام الحافظ الزاهد العابد القدوة. وقال الذهبي: الإمام الحافظ المثبت القدوة، شيخ الإسلام، وكان ممن برَّز في العلم والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>