الشعر، ودرس الفقه على قاضي الحرمين وغيره، وكان أوحد زمانه في معرفة الشروط، وكان أُريد على ديوان الرسائل سنة أربع وستين وثلاثمائة فامتنع واستعفى، ثم أُكره بعد ذلك غير مرة على وزارة السلطان فامتنع وتضرع حتى أُعفيَ، وكان يختم القرآن في ركعتين، ويعول المستورين في بلدنا سرًّا، ثم تقلَّد الرياسة، وبقي منفردًا بها بلا مانع ولا منازع نيفًا وعشرين سنة، وكان يفتح بابه بعد فراغه من صلاة الصبح إلى أن يصلي العتمة لا يحجب عنه أحدًا وعُقِد له مجلس النظر سنة سبع وأربعين وثلاثمائة في حضرة إمامي المذهب أبي الوليد القرشي، وأبي الحسين القاضي، وحضرا جميعًا مجلسه، وكان قد حج سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، ثم تأهب للخروج إلى الحج ثانيًا في شهر رمضان سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، فسُئل أن يصحب شيئًا من مسموعاته من أبي حامد الشرقي وأقرانه من المحدِّثين ففعل، وحدث بنيسابور، والدامغان، والرَّي، وهَمَذَان، وحدث ببغداد بجملة من الحديث، وكذلك بالكوفة، ومكة -حرسها الله-، فحدثني غير واحد من أولاده وأقاربه الذي صحبوه بمكة -حرسها الله- أنه دخل مكة -حرسها الله-وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ونظر في مولده وقد حكم له المنجمون أنه يموت وهو ابن أربع وسبعين سنة، فدعا بمكة -حرسها الله- في المشاعر الشريفة يقول: اللهم إن كنت قابضي بعد سنتين فاقبضني في حرمك، فاستجاب الله دعاءه، وحدثني أبو بكر المحمداباذي من أصحابنا أنه نام على فراشه في الليلة التي مات فيها، وأمر كل من كان في رحله حتى ناموا، وأنهم أصبحوا فوجدوه ميتًا مستقبل القبلة، ثم أخرجوه وصلوا عليه عند باب بني شيبة،