فقلت: هذا باطل، وإنما تقرب به إليك أبو بكر الشافعي لأنك من ولد الحجاج، فضحك، فلما كان بعد أيام دخل المسجد شيخ لا أعرفه فصلى معي، ثم قال: جئت في شيء أعرضه عليك أتعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا أبو بكر الشافعي، إنما بعث بي أبو محمَّد الثقفي إليك لأعرض حديثي عليك، فلا أحدث إلا بما ترى، فقلت له: دع أولًا أبا العكوك الحجازي، وأحمد بن عمرو الزنجاني، فعندي أن الله تعالى لم يخلقهما بعد، فقال: الله الله فيَّ، فإنهما رأس المال، كتبت عن أبي العكُّوك بمكة - حرسها الله -، وعن أحمد بن عمرو ببغداد، فقلت: أخرج أصولك عنهما؛ إن كان الغلط مني، وحدثته أن شيخنا شهد لك بالسماع معه من محمَّد بن أيوب، فلو اقتصرت على ذلك كان أولى بك، ففارقني على هذا، فكأنني قلت له: زد فيما ابتدأت به، فإنه زاد عليه.
وفي "الأنساب" قال الحاكم في "تاريخه": سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: من أراد أن يعلم أن أهل العلم إذا أعرضوا عن العلم، واشتغلوا بأعمال السلطان يكون ضررهم أكثر؛ فلينظر إلى أبي بكر الشافعي؛ فقد كان معنا على باب محمَّد بن أيوب، وسمع "المسند" فصار أهل الرِّيوند يستغيثون منه، وكنت أنا إذ ذاك لا أعرف أبا بكر هذا بوجهه، فلما كان بعد سنين عُرض عليَّ من حديثه المناكير الكثير، وروايته عن قوم لا يعرفون، مثل أبي العكوك الحجازي، وغيره، وذكر قصة منعه عن الرواية عن جماعة وقال: كأني قلت له: زد فيما ابتدأت فيه، فإنه زاد عليه، وكان أصحابنا يخرجون إلى الريوند فيسمعون منه، وجاءنا نعيه وأنا ببخارى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وأورد له ابن الجوزي في