للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان نفي الركوب محفوظًا في الحديث كان ذلك مقصودًا للشارع.

(ح-١٠٣٥) ويؤيد ذلك ما رواه مسلم من طريق زكرياء بن إسحاق، حدثنا أبو الزبير،

قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: كانت ديارنا نائية عن المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتنا، فنقترب من المسجد، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لكم بكل خطوة درجة (١).

وإن كان لفظ (مشى ولم يركب) ليس محفوظًا من الحديث كان ترتيب الفضل لا يختص بالماشي ويكون وصف المشي لا مفهوم له وإنما خرج مخرج الغالب، فإن الغالب أن من يخرج إلى المسجد هم من يسمع النداء، ومثلهم لا يحتاج للركوب؛ ولأن المشي والركوب من باب الوسائل لا تقصد لذاتها، والغاية هي الوصول إلى المسجد للصلاة فيه جماعة، سواء أجاء ماشيًا أم راكبًا، ولو كان المشي مقصودًا لذاته لقيل باستحباب قَصْدِ المسجد الأبعد، وحديث أوس ظاهره الصحة، والأجر المرتب عليه مبالغ فيه جدًّا، فإن كل خطوة يكتب فيها أجر سنة صيامها وقيامها كثير على عمل يسير، وفضل الله واسع فإن كان أحد من الأئمة قد أعله بهذا قلت به بلا تردد، وإلا بقيت على اعتقاد صحة الحديث حتى يثبت العكس.

وقد خالف حديث أوس حديث سلمان وحديث أبي هريرة، والأول في البخاري، والآخر في مسلم.

(ح-١٠٣٦) فقد روى البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، قال: أخبرني أبي، عن ابن وديعة،

عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى (٢).


(١). صحيح مسلم (٦٦٤).
(٢). صحيح البخاري (٨٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>