للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ح-١٠٣٧) وروى مسلم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح،

عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا (١).

ورواه مسلم من طريق سهيل، عن أبيه،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام (٢).

فهذا الفضل قريب، وأما حديث أوس بن أوس فهو فضل مبالغ فيه لعمل يسير، فإذا كان شهود الجمعة نفسها، وهي المقصودة يكفر من الجمعة إلى التي تليها، فإذا اغتسل وأنصت، ولم يفرق بين اثنين زاد فضل ثلاثة أيام، فما الذي زاده العامل في حديث أوس حتى يكون له بكل خطوة عمل سنة بصيامها وقيامها، وكل ما زاده على ذلك ليس من الواجبات، وإنما هو من السنن، وليس بمقصود، وإنما هو من باب الوسائل كالذهاب ماشيًا إلى الجمعة، وحديث سلمان وأبي هريرة في الصحيح، وحديث أوس خارج الصحيح، وهو من وسائل الترجيح، وكنت قد ترددت في تضعيف الحديث طلبًا لإمام معتبر يضعفه لأني لا أحب معارضة الحديث بمجرد الفهم ما دام الإسناد ظاهره الصحة، ثم وجدت الإمام الترمذي قد حكم عليه بالحسن، فقال في سننه: حديث أوس بن أوس حديث حسن، وهذا ذهاب منه إلى تضعيف الحديث، فإن الحسن عند الترمذي هو كل حديث ليس في إسناده متهم (يعني أنه ليس شديد الضعف) ولا يكون شاذً، ويروى من غير وجه، وهذا يصدق على الحديث الضعيف إذا روي من أكثر من وجه، فلا يمكن حديث هذا حكم الترمذي فيه، وهو غريب الإسناد، غريب المتن لا يعرف هذا الفضل إلا من هذا الوجه، وينفرد بهذا الفضل المخالف لأحاديث الصحيحين، ويكون مقبولًا، والله أعلم.

وفي الباب أحاديث أخرى، وقد تركتها اقتصارًا على أحاديث الصحيحين فإن فيها غنية.

* * *


(١). صحيح مسلم (٢٧ - ٨٥٧).
(٢). صحيح مسلم (٢٦ - ٨٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>