للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشدد فكأنه ترك حرفًا من الفاتحة، وكذلك إذا شدد حرفًا مخففًا كان بمنزلة من زاد حرفًا على الفاتحة، وفي الفاتحة إحدى عَشْرَةَ شَدَّةً إن اعتبرنا البسملة ليست آية منها كما هو مذهب جمهور العلماء، أو أربع عشر شَدَّة إن اعتبرنا البسملة منها كما هو مذهب الشافعية، وقد تقدم الخلاف في البسملة.

[م-٥٣٩] وقد اختلف العلماء في حكم المنفرد والإمام إذا ترك حرفًا أو شدة من الفاتحة، وكذا المأموم عند من يوجب قراءة الفاتحة عليه إما مطلقًا كالشافعية، أو في السرية كما في اختيار بعض المالكية وبعض الحنابلة، وأقوالهم كالتالي:

القول الأول: مذهب الحنفية:

لا فرق عند الحنفية بين ترك الشَّدَّة من الفاتحة أو من غيرها؛ لأن الفرض عندهم لا يتعين في الفاتحة، فالركن عندهم قراءة ما تيسر من القرآن، وقد سبق بحث المسألة، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين أن يقع الخطأ في القَدْرِ الذي يقوم به الفرض، أو يقع في القدر المستحب من القراءة.

والحكم في ترك الشدة عندهم كالحكم في الخطأ إذا وقع في الإعراب من نصب مرفوع، أو عكسه.

قال ابن الهمام في فتح القدير: «ترك المد والتشديد كالخطأ في الإعراب» (١).

وقال في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح: «الخطأ في الإعراب، ويدخل فيه تخفيف المشدد وعكسه (يعني: تشديد المخفف) ... إلخ» (٢).

وحكم الخطأ في الإعراب: إن تغير به المعنى فلهم قولان:

الأول: مذهب المتقدمين:

فقد ذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أن ما يغير المعنى يفسد به الصلاة مطلقًا، سواء أكان اعتقاده كفرًا أم لا، كما لو قرأ قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} برفع لفظ الجلالة، ونصب العلماء، وكما لو قرأ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) بتخفيف التشديد، وسواء أكان مثله في القرآن أم لا، حتى ولو كان ذلك في غير القرآن، كما


(١). فتح القدير (١/ ٣٢٣)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٣٢).
(٢). حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>