للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة: ما لم يشرع في قراءة الركعة الثانية، فإن شرع بطلت الركعة السابقة، وقامت الركعة التي تليها مقامها على خلاف بينهم في مسألتين:

الأولى: قراءة الآيات من سورة أخرى لا يقطع الموالاة عند الشافعية خلافًا للحنابلة فإن البعد عن الفاتحة عرفًا يقطع الموالاة.

الثانية: لا فرق بين المأموم وغيره عند الشافعية في الحكم خلافًا للحنابلة، حيث لا يرون القراءة واجبة على المأموم.

وقد علمت تعليلاتهم عند عرض أقوالهم.

* الراجح:

أميل إلى أن الركن هو قراءة الفاتحة، وليس كل حرف منها يعتبر ركنًا.

قال البهوتي في كشاف القناع: «الفاتحة ركن واحد، محله القيام، لا أن كل حرف ركن» (١).

وقد قال الحنفية في الطواف إذا طاف أربعة من ثلاثة وفارق مكة جبره بدم، فأعطوا الأقل حكم الواجب، وليس حكم الركن، مع أن مسألتنا لم يأت في الأكثر فقط، بل أتى بعموم الفاتحة ولم يترك منها إلا شدة، فإذا تركها سهوًا وكان المعنى لم يتغير لم تبطل الصلاة بتركه وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، وقول القاضي أبي يعلى من الحنابلة، وقول قديم للشافعية، وهو أقوى من قول المالكية الذين يرون أن ترك الآية سهوًا لا يبطل الصلاة، وأما إن غير المعنى فالقول بالبطلان أحوط والجزم ببطلان الصلاة بترك شدة منها قول شديد يحتاج إلى برهان قوي يذهب فيه المفتي إلى إفساد العبادة، والأصل عدم البطلان، والله أعلم.

* * *


(١). كشاف القناع (١/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>