والذكر الأجنبي إذا كان يسيرًا فهو يخل بالموالاة عند الشافعية خلافًا للحنابلة.
* الراجح:
دليل الشافعية والحنابلة على اشتراط الموالاة ليس بالقوة؛ لأنهم استدلوا على مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل، وأنه قال صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: صلوا كما رأيتموني أصلي وقد ناقشت هذا الدليل فيما سبق، وأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لا تدل على الوجوب فضلًا عن الشرطية، ويمكن الاستدلال على وجوب الموالاة بطريقتين:
إحداهما: أن يقال: إن العبادة الواجبة إذا وردت على صفة معينة كانت هذه الصفة واجبة فيها؛ فكأن الأمر بقراءة الفاتحة من المجمل لكونه يصدق على قراءتها متوالية ومفرقة، فإذا جاء الفعل ووقع متواليًا، وواظب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك كان هذا الفعل بيانًا لذلك المجمل، فتكون الصفة لها حكم المجمل، فإذا غير المصلي هذه الصفة فقد أخل بالصفة الواجبة لها، فلم تبرأ ذمته؛ ولم يُؤَدِّ المطلوب منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد.
الطريقة الثانية في الاستدلال: أن يقال: إن العبادة كما أنها توقيفية، والأصل فيها المنع، فكذلك صفتها الأصل أنها توقيفية، ومن أراد أن يحدث صفة في العبادة فعليه الدليل، وإنما تلقينا صفة قراءة الفاتحة متوالية، فمن فرقها بلا سبب، ولا عذر شرعي فقد أحدث، ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد، فالاستدلال بهذه الطريقة أجود من الناحية الأصولية من الاستدلال بمجرد الفعل.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن آيات الفاتحة يبنى بعضها على بعض، فتفريقها ليس ممكنًا؛ وهكذا كل آيات يرتبط بعضها ببعض يؤثر تفريقها، لأن اتصالها مطلوب، فالآيات الثلاث الأولى تتبع بعضها بالإعراب فقوله تعالى:(مالك يوم الدين) فلفظ مالك مجرور على التبعية للفظ الجلالة في الآية الأولى، وكذلك قوله:(الرحمن الرحيم) مجرور على التبعية كذلك، فلا يمكن تفريق التوابع عن بعضها، والآية الخامسة إلى آخر الآية هي جملة واحدة مشتملة على دعاء، وفيها استثناء المغضوب عليهم والضالين، فلا يتصور تفريقها؛ لأنه تفريق