أم قرآنًا أم غيرهما؛ ولو كان غير مشروع؛ لعدم الإخلال بنظمها (١).
ومذهب الحنابلة أصح؛ لأن اليسير في الشريعة معفو عنه في الجملة ما لم يرد نص يقضي بعدم العفو.
ولأن الذكر والدعاء مشروع جنسهما في الصلاة بالجملة.
ولأن الفاصل اليسير لا يشعر بالإعراض عن القراءة وقطعها، وإذا كان الكثير منه -إذا وقع سهوًا- مَعْفُوًّا عنه عند الشافعية والحنابلة فتعمُّدُ قليلِهِ لا يضر؛ لأن بطلان القراءة حكم وضعي، والسهو يرفع الحكم التكليفي وهو الإثم، وأما الصحة والفساد فلا تلازم بينهما، فلما حكموا بأن الذكر الكثير سَهْوًا لا يخل بالموالاة، والصلاة صحيحة، فلا يتصور أن الذكر اليسير يفسد الموالاة، ولو وقع عمدًا، والله أعلم.
هذا تفصيل المسألة عند الشافعية والحنابلة، وواضح أن هناك توافقًا في أكثر التفريعات بين المذهبين، وقدر الاختلاف بينهما يسير جدَّا، فدعنا نذكر ما يتوافقان عليه، وما يختلفان فيه حتى يسهل تصوره:
يتفق الشافعية في المشهور والحنابلة:
أن المصلي إذا ترك الموالاة سهوًا لم يضره، سواء أكان ذلك بسكوت، أم قراءة قرآن، أم ذكر، أم دعاء، أم غير ذلك.
كما يتفقان على أن ترك الموالاة من أجل مصلحة الصلاة لا يقطع الموالاة، كالتأمين، وسجود التلاوة، ونحوها، وسؤال الرحمة عند آية الرحمة ونحو ذلك.
كما يتفقان أن نية القطع وحدها إذا استمر بالقراءة لا تقطع الموالاة.
وأن السكوت اليسير إذا لم يكن معه نية القطع لا يقطع الموالاة.
هذه الفروع التي يتفقان عليها فيما لا يقطع الموالاة.
كما يتفقان أن السكوت الطويل، والذكر الكثير غير المشروع يقطع الموالاة.
ويختلفان في مسألتين:
في السكوت اليسير إذا كان معه نية القطع، فهو يخل بالموالاة عند الشافعية
(١). الإقناع (١/ ١١٦)، المبدع (١/ ٣٨٧)، كشاف القناع (١/ ٣٣٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٩).