للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترتيب السور ثبت باجتهاد الصحابة في أصح قولي أهل العلم، وهو قول الجمهور (١)، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة، وهل توافُقُ الصحابةِ على ترتيب المصحف زمن عثمان يرفع الخلاف؟ الصحيح: لا، ولكن اتفاقهم يجعل هذا الترتيب مقدمًا على غيره، لا ناسخًا لغيره، وبحث مثل هذا في علوم القرآن، إلا أن لهذا الخلاف أثرًا فقهيًّا في حكم تنكيس الكلمات والآيات والسور في قراءة الصلاة، وهو الذي يعنينا في صفة الصلاة.

[م-٥٤٢] وقد اتفق العلماء على تحريم تنكيس حروف القرآن، وكلماته وأنه يبطل الصلاة عمده وسهوه؛ لأنه يختل لفظًا ومعنى ويصبح كلامًا أجنبيًّا عن القرآن، ولو فعل هذا في كلام البشر لأصبح من التحريف والتبديل لمراد المتكلم فيكف مع كلام الله سبحانه وتعالى، والذي توقيره من توقير الله، والفرق بين كلام الله وكلام البشر كالفرق بين الخالق والمخلوق (٢).

قال ابن رجب: «وتنكيس الكلمات محرم، مبطل للصلاة اتفاقًا» (٣).

وقال ابن مفلح: وتنكيس الكلمات محرم مبطل (و) (٤)، أي: وفاقًا للأئمة، ولم يرمز بحرف (ع) الدال على الإجماع، فتأمل، وكلام ابن مفلح يندرج في كلام


(١). حاشية الدسوقي (١/ ٢٤٢)، تفسير القرطبي (١/ ٦١)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٣٢٥)، كشاف القناع (١/ ٣٤٤)، المبدع (١/ ٤٣٣)، الإقناع (١/ ١١٩)، منتهى الإرادات (١/ ١٩١)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٣٧).
(٢). الجمع والفرق لإمام الحرمين (١/ ٣٨٠)، الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: ١٧٢)، الإقناع (١/ ١١٩)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٩١)، كشاف القناع (١/ ٣٤٤)، الفروع (٢/ ١٨٣)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٣٧).
(٣). تفسير سورة الفاتحة لابن رجب (ص: ٢٢).
(٤). الفروع (٢/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>