للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن رجب، ومع ابن رجب زيادة علم، فتقبل، ولم أقف على ما يخرقه، والنظر دال عليه.

[م-٥٤٣] واختلفوا في تنكيس آيات القرآن:

القول الأول: مذهب الحنفية:

يكره تنكيس الآيات في صلاة الفرض دون النفل، سواء أوقع ذلك في ركعة واحدة أم وقع في ركعتين (١).

والأصل في الكراهة إذا أطلقها الحنفية أنهم يريدون بها كراهة التحريم، ولم أجد من نص على ذلك، ويحتمل أنهم أرادوا الكراهة التنزيهية؛ لتفريقهم بين الفرض والنفل، فلو كانت الكراهة تحريمية في الفرض لاحتاج القول في إباحته في النفل إلى نص ينقل المحرم إلى الإباحة، بخلاف ما كان مكروهًا في الفرض فقد يتوسع فيه في النفل، فتأمل.

وقولهم: (تنكيس الآيات) إطلاق الآيات ظاهره أنه لا فرق بين الفاتحة وغيرها؛ لأن الركن عندهم القراءة، ولا تتعين في الفاتحة كما سبق تقريره.

وإطلاق التنكيس ظاهره أنه لا فرق عند الحنفية بين أن ينكس السورة كلها، بأن يبدأ من أسفلها صعودًا إلى أولها، أو ينكس بعض السورة بالنسبة إلى بعضها الآخر، وهوما يمكن تسميته تنكيس جملة آيات من السورة بالنسبة إلى جملة آيات أخرى، كما لو ابتدأ بالنصف الأخير من السورة، فقرأه مرتبًا، ثم قرأ النصف الأول من السورة مرتبًا، فهذا لا يدخل في تنكيس السورة آية آية، وإنما يدخل في تنكيس جملة آيات بالنسبة لجملة أخرى، وهو مكروه عندهم أيضًا، ولهذا الحنفية لا يفرقون في الكراهة بين تنكيس الآيات وتنكيس السور، وتنكيس السور هو تنكيس جملة آيات بالنسبة إلى جملة آيات أخرى. والله أعلم.

ولا فرق عند الحنفية بين أن يكون التنكيس وقع في ركعة واحدة، أو أن التنكيس كان بالنسبة لقراءة الركعة الثانية، فهو داخل ضمن التنكيس المكروه.

* وجه القول بالكراهة عند الحنفية:

يظهر والله أعلم أن الحنفية لم يذهبوا إلى تحريم التنكيس لسببين:


(١). الفتاوى الهندية (١/ ٧٨)، المحيط البرهاني (١/ ٣٠٥)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٥٣)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>