للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن فرض القراءة يتحقق عندهم بقراء آية واحدة، فإذا قرأ آية واحدة طويلة كانت أو قصيرة فقد تحقق الركن عندهم، فالتنكيس يقع في قدر زائد على القراءة المفروضة.

* ويناقش:

هذا يصح الاستدلال به للحنفية لو أن الحنفية يرون أن الفاتحة تتعين للقيام بفرض القراءة، فإذا وقع التنكيس خارج الفاتحة قيل وقع في القدر المستحب، وهو متميز عن القدر الواجب، أما إذا كان فرض القراءة عندهم لا يتعين في سورة بعينها، بل الفرض يتأدى في مقدار آية واحدة غير معينة، وكانت القراءة منها ما هو فرض، ومنها ما هو مستحب، واتصل الفرض بالمستحب على وجه لا يتعين هذا من هذا، فالجميعها يأخذ حكم الواجب، فلا يصح هذا الاستدلال.

الثاني: مما يجعل التنكيس مكروهًا، أن النهي عن التنكيس ليس لذات الصلاة، بل لأن ترتيب الآيات حق التلاوة (١)، وإذا عاد النهي لمعنى لا يختص بالصلاة لم يكن محرمًا، والله أعلم.

* أما وجه كراهة تنكيس قراءة آيات الركعة الثانية بالنسبة لقراءة الركعة الأولى:

فيرى الحنفية أن قراءة الصلاة قراءة واحدة، فالقراءة في الركعة الثانية جزء متمم للقراءة في الركعة الأولى، ولهذا لا يستحبون التعوذ في الركعة الثانية، وإذا كانت القراءة في الركعتين في حكم القراءة الواحدة كان التنكيس مكروهًا مطلقًا، سواء أوقع ذلك في ركعة واحدة، أم وقع ذلك في ركعتين.

* أما وجه اختصاص الكراهة بالفرض دون النفل:

فنقل ابن عابدين عن بعض الحنفية توجيه جوازه في النفل دون الفرض: بأن النفل لاتساع بابه نُزِّلت كل ركعة منه فعلًا مستقلًّا، فيكون كما لو قرأ إنسان سورة، ثم سكت، ثم قرأ ما فوقها فلا كراهة فيه (٢).

وهذا التوجيه ليس بوجيه، ذلك أن الحنفية نصوا على أن القراءة على الترتيب


(١). حاشية ابن عابدين (١/ ٥٤٧).
(٢). حاشية ابن عابدين (١/ ٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>