للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن جميع الصورتين توقع في تنكيس الآيات، فإذا قرأ النصف الأخير من السورة أولًا، فإن آخر آية منه فيها تنكيس بالنسبة لأول آية من النصف الأول من السورة، فكلتا الصورتين لم يسلم من تنكيس الآيات.

وإذا كان تنكيس الآيات مُخِلًّا بترتيب القرآن المتلقى بالتوقيف كان كله حرامًا.

القول الرابع:

يحرم تنكيس الآيات مطلقًا داخل الصلاة وخارجها، وهو رواية عن أحمد، ورجحه ابن تيمية.

قال حرب الكرماني: «سألت أحمد: يكره أن يقرأ الرجل من آخر السورة إلى أولها، أويأخذ القلم، فيكتب مثل ذلك، فكرهه كراهة شديدة» (١).

والكراهة الشديدة أقرب إلى التحريم منها إلى الكراهة التنزيهية، وظاهره لا فرق بين الفاتحة وغيرها، ولا بين الصلاة وخارجها.

وقال ابن تيمية: «ترتيب الآيات مأمور به نصًّا، وأما ترتيب السور فمفوَّض إلى اجتهادهم» (٢).

وظاهره لا فرق بين الفاتحة وغيرها، وبين الصلاة وخارجها.

قال الخلوتي: «فعلى كلام الشيخ تقي الدين من أنه أيضًا واجب، أنه يحرم أيضًا تنكيس الآيات، ولكن لا تبطل به الصلاة؛ لعدم إخلاله بالنظم» (٣).

لعله يقصد: لا تبطل به الصلاة وإن بطلت به القراءة، ووجب معه استئناف الفاتحة، والله أعلم.

* دليل هذا القول:

أن ترتيب الآيات حق التلاوة، فكان محرمًا مطلقًا، داخل الصلاة، وخارجها، وسهوه مبطل للقراءة، ويستأنف الواجب منها كالفاتحة.

وأما إذا ارتكب التنكيس متعمدًا، أتبطل صلاته باعتبار أنه ارتكب محرمًا متعمدًا


(١). مسائل حرب الكرماني من أول كتاب الصلاة، ت الغامدي (١٦٩)، وانظر الفروع (٢/ ١٨٢).
(٢). مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٦).
(٣). حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (١/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>