للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داخل العبادة، كما ذهب إليه المالكية في التنكيس المحرم، وقال به الشافعية إذا أفسد المعنى، أم أنه يبطل القراءة وحدها، ويوجب استئناف الفاتحة؟ فيه تأمل، والمعتمد في المذهب لا تبطل به الصلاة، كما سيأتي بيانه في القول الخامس، والله أعلم.

قال ابن مفلح: «وعند شيخنا -يعني ابن تيمية- ترتيب الآيات واجب؛ لأن ترتيبها بالنص (ع)» (١). يعني إجماعًا.

القول الخامس: مذهب الحنابلة:

قالوا: يجب ترتيب الفاتحة مطلقًا، فإن تركه عمدًا أو سهوًا لزمه استئنافها، ويكره في غيرها، وهو المعتمد في مذهب الحنابلة (٢).

قال في شرح منتهى الإرادات: «أو ترك ترتيبها أي الفاتحة عمدًا أو سهوًا لزمه استئنافها؛ لأن ترك الترتيب مخل بالإعجاز» (٣).

وقال أيضًا: «ولا يحرم تنكيس السور، ولا تنكيس الآيات، ولا تبطل به؛ لأنه لا يخل بنظم القرآن، لكن الفاتحة يعتبر ترتيبها، وتقدم، ويكره تنكيس السور والآيات في ركعة أو ركعتين، واحتج أحمد بأنه صلى الله عليه وسلم تعلم على ذلك» (٤).

ولا فرق عندهم في تحريم تنكيس الفاتحة بين أن يقدم آية على أخرى، أو يقدم جملة من الآيات على جملة آيات أخرى.

وأما دليلهم على تحريم التنكيس في الفاتحة فقد سبق ذكره في أدلة الشافعية.

وأما كراهتهم التنكيس في قراءة ما زاد على الفاتحة؛ باعتبار أن هذا المقدار إذا بطل بالتنكيس لم يجب استئنافه لعدم وجوبه، لهذا الخلل إذا وقع فيه لم يكن محرمًا كالفاتحة.

* ويناقش:

أن ترتيب الآيات أهو من حقوق التلاوة، أم هو من حقوق الصلاة، فإن كان


(١). الفروع (٢/ ١٨٢).
(٢). الإقناع (١/ ١١٥، ١١٩)، الكافي (١/ ٢٤٦)، كشاف القناع (١/ ٣٣٦، ٣٤٤)، المغني (١/ ٣٤٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٨، ١٨٩، ١٩١)، الفروع (٢/ ١٨٣).
(٣). شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٩).
(٤). المرجع السابق (١/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>