للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترتيب من حقوق التلاوة؛ لكون التنكيس يخل بنظم الآيات التوقيفي، فإن ذلك يعني تحريم التنكيس مطلقًا، سواء أوقع ذلك في الصلاة أم وقع في خارجها، وسواء أوقع في الفاتحة أم وقع فيما زاد عليها، فلا معنى للتفريق بين الفاتحة وغيرها إلا من حيث وجوب الاستئناف، فإن التنكيس إذا أبطل القراءة وجب استئناف الواجب منها، ولا يجب للصلاة قراءة سوى الفاتحة.

كما أن في قول الحنابلة إشكالًا آخر على قواعد المذهب، فإن تنكيس الآيات إذا كان محرمًا في الفاتحة، وارتكبه عمدًا داخل الصلاة، فإن ارتكاب المحرم عمدًا داخل العبادة يفسدها، فلا أعلم لهم دليلًا أوتعليلًا على إخراج هذه المسألة من إفساد الصلاة حسب قواعد المذهب، فليتأمل.

فإن قيل: إن الترتيب من حقوق التلاوة، فهو غير مختص بالصلاة، لهذا لم يبطل الصلاة تعمد الإخلال به.

* فيجاب:

أن وجوب تلاوة الفاتحة مختص بالصلاة، فلا تجب التلاوة خارج الصلاة، كما أن الضابط في المختص: أن يقوم الدليل الخاص على وجوبه في الصلاة، وإن وجب في غيرها، كما قال الحنابلة بإفساد الصلاة في ترك ستر العورة في الصلاة، وإن كان الستر يجب خارج الصلاة أيضًا، بل هو أولى من ترك ستر العورة، لأن ستر العورة واجب لها، وهو من ارتكاب المحظور، بخلاف ترك الترتيب بالفاتحة فهو واجب فيها، وركن من أركان الصلاة، ومن باب فعل المأمور، فيكون آكد، والله أعلم.

* الراجح:

بعد استعراض الأقوال لم أجد قولًا يقول بإباحة تنكيس الآيات، وإنما هو دائر بين التحريم والكراهة، والقول بالتحريم أقوى إن كان عالمًا متعمدًا، وأن الترتيب حق التلاوة، فيحرم داخل الصلاة وخارجها، وفي الفرض والنفل، والتنكيس يبطل القراءة، ويوجب استئناف ما كان واجبًا منها كالفاتحة، وهل تبطل به الصلاة، أو تبطل إن تغير به المعنى الأقرب الثاني، والله أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>