للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم، حيث بدأ بتقديم الطوال، فالمئين، فالمثاني، وختم بالمفصل، وإذا كان الترتيب بالنص كرهت مخالفته.

* ونوقش:

بأن الحديث ضعيف، ولو صح فإنه دليل على ترتيب المفصل وحده.

قال ابن حجر: «ويحتمل أن الذي كان مرتبًا حينئذٍ حزب المفصل خاصة، بخلاف ما عداه، فيحتمل أنه كان فيه تقديم وتأخير، كما ثبت من حديث حذيفة، أنه صلى صلى الله عليه وسلم فقرأ النساء بعد البقرة وقبل آل عمران» (١).

وهذا التوجيه يشكل عليه أن ترتيب المفصل في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه مخالف لهذا الترتيب، فلوكان ترتيب المفصل مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما خالفه مصحف ابن مسعود رضي الله عنه، انظر ترتيب مصحفه في أدلة القول الثاني، والله أعلم.

الدليل الخامس:

إجماع الأمة من زمن عثمان رضي الله عنه إلى يومنا هذا على هذا الترتيب، وحرمة مخالفته في كتابة المصاحف ورسمها، فقد رتبه عثمان رضي الله عنه، وقَبِلَه الصحابة في عهده، واتفقوا عليه، ولم يعترض أحد منهم عليه، فكان إجماعًا، وتلقته الأمة بالقبول من بعدهم إلى عصرنا هذا، فيكره مخالفته لما فيه من خروج عن إجماعهم، لا سيما وأن عثمان بن عفان من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أُمِرْنَا باتباع سنتهم، والاقتداء بهديهم.

* ويناقش:

بأن وجوب تأليف المصحف مرتبًا في الرسم والخط على القول بوجوبه، لا يعني لزوم مثل ذلك في تلاوة القرآن في الصلاة، أو قراءته في الدرس، فمن قرأ خارج الصلاة الكهف قبل البقرة، أو قرأ الحج قبل الأنبياء لم يكن عليه حرج في ذلك، وإن استحب الترتيب داخل الصلاة، وسيأتي مزيد بيان لذلك في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.

وسبق لنا قول ابن تيمية: «يجوز قراءة هذه قبل هذه، وكذا في الكتابة، ولهذا


(١). فتح الباري (٩/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>