أن الآية من الفاتحة أقرب إلى الفاتحة من غيرها، ولأن حرمة الفاتحة أوكد، فوجب تكرارها حتى يبلغ قدر الفاتحة.
* ويناقش:
بأن التكرار لا يجب إلا بنص، والشيء الواحد لا يكون أصلًا وبدلًا في وقت واحد، وحين أوجب الشارع الفاتحة دون غيرها من القرآن كان هذا لأمر عائد إلى فضل الفاتحة على غيرها من سور القرآن، ولمعانٍ اختصت بالفاتحة والله سبحانه يفضل بعض كلامه على بعض، وبعض آياته على بعض، وله الحكمة البالغة، وبالنظر إلى آيات الفاتحة فهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام،
القسم الأول: ثناء على الله في ثلاث الآيات الأولى وقد تضمنت كمال صفاته والإيمان بمعاده، وجاءت بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام، وهوما يليق بالله عز وجل، من حمده، وتمجيده والثناء عليه.
القسم الثاني: قسمه الله بينه وبين عبده (إياك نعبد وإياك نستعين).
والقسم الثالث: دعاء خاص للعبد، بالهداية على صراطه المستقيم المخالف لطريق المغضوب عليه وطريق الضالين.
فالقول بأن آيات الفاتحة أقرب شبهًا بها من غيرها ليس دقيقًا، فآيات الدعاء لا تشبه آيات الثناء.
* الراجح:
أرى أن المصلي إذا عرف أكثر الفاتحة قرأه في الصلاة، وسقط عنه ما عجز عنه، ولا يجب عليه بدل عنه؛ لأن للأكثر حكم الكل، وما قارب الشيء يعطى حكمه.
فإن عرف آية أوآيتين وكان ما عجز عنه من الفاتحة أكثر مما يعرفه فإنه يقرؤه، ويسقط عنه الباقي إلى غير بدل، ولو قيل: إذا لم يعرف إلا آية أو آيتين فإنه ينتقل إلى البدل، وتسقط عنه القراءة، لو قيل به فهو قول قوي جدًّا، وأما الانتقال إلى الذكر فإنه لا ينتقل إلا إذا عجز عن فرض القراءة بالكلية. والله أعلم.