للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعينها، فنزل بدل النصف الأول منزلته في رعاية ترتيب النصف الآخر عليه» (١).

* ويناقش:

بأن الذكر شرع بدلًا عن فرض القراءة إذا عجز عنها بالكلية، فإذا وجب عليه قراءة ما يحسنه من الفاتحة، ووجب عليه الانتقال إلى البدل كان في ذلك جمع بين الأصل والبدل، ولا يوجد دليل في صحة الجمع بين الأصل والبدل، فإما أن تكتفي بالأصل، وإما أن تكتفي بالبدل، وأما الجمع بينهما فيفتقر إلى نص.

فلو وجبت عليه رقبة، وكان عنده ثمن بعض الرقبة، انتقل إلى الإطعام كما لو عدم الرقبة أصلًا.

فإن قيل: إن بعض الرقبة ليس عبادة في نفسه بخلاف الآية من الفاتحة فإنها عبادة في نفسها.

انتقض هذا فيما فلو وجبت عليه كفارة يمين، ولم يجد الكسوة والرقبة، ووجد ما يطعم به تسعة مساكين انتقل إلى الصيام، ولم يؤمر بإطعام التسعة، والصيام عن العاشر، مع أن إطعام التسعة عبادة في نفسه، وهكذا.

فإما أن نقول: يَكْتَفِيْ بما قدر عليه ويسقط عنه الباقي؛ لعجزه، وإما أن نقول: لا عبرة بالقدرة على البعض إذا لم يقدر على الكل، وإما أن نقول بأن الحكم للأغلب، فإن قدر على أكثر الفاتحة لم ينتقل، وإن كان المقدور عليه من الفاتحة آية أو آيتين انتقل؛ لأن القواعد الفقهية: أن الأغلب يعطى حكم الكل، وما قارب الشيء أعطي حكمه.

وعلى التسليم بأنه يجمع بين الأصل والبدل فأين الدليل على اشتراط الترتيب بين الأصل والبدل، فلو قيل بالجمع بين الوضوء والتيمم لمن وجد ماء يكفي بعض طهره، وهي مسألة خلافية، بحثتها في كتابي موسوعة الطهارة، فإنه لا فرق بين أن يتيمم بعد الوضوء، أو قبله؛ لأن وجوب الترتيب يفتقر إلى نص، والأصل عدم الوجوب.

وقال الحنابلة: لو أحسن آية من الفاتحة، وأحسن آية أو أكثر من غيرها كرر ما يحسنه من الفاتحة دون غيرها، وهو وجه عند الشافعية (٢).


(١). نهاية المطلب (٢/ ١٤٧).
(٢). المجموع (٣/ ٣٧٦)، البيان للعمراني (٣/ ١٩٦)، الحاوي الكبير (٢/ ٢٣٤)، كشاف القناع (١/ ٣٤٠)، المبدع (١/ ٣٨٩)، الإنصاف (٢/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>