للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفصل بين أن يحفظ متوالية أم لا» (١).

واستدرك النووي على الرافعي في الروضة، فقال: «قد قطع جماعة بأن تجزئه الآيات المتفرقة وإن كان يحسن المتوالية، سواء فرقها من سورة أو سور؛ منهم القاضي أبو الطيب، وأبو علي البندنيجي، وصاحب البيان، وهو المنصوص في (الأم) وهو الأصح. والله أعلم» (٢).

وتعقب الإسنوي النووي في المهمات، فقال: «وما ذكره من أن هؤلاء قد نصوا على جواز المتفرقة مع إمكان المتوالية ليس كذلك، فقد راجعت كلام الشافعي والبندنيجي والعمراني فلم أجد لهم تصريحًا بالإجزاء في هذه الحالة، بل قالوا: إنه يجزئ الذي يحسنه، سواء كان من سور أم سورة، وهذا إطلاق يصح تنزيله على ما صرح به أولئك.

وإجمال تعينه تفسيرهم، وقد صرح بالمنع الشيخ أبو محمد والإمام، والغزالي في (البسيط) والقاضي مجلي في (الذخائر) والرافعي، لاسيما أن المعاني الحاصلة من اتصال الآيات تفوت، فقد لا تفهم أن المتفرقة من القرآن بالكلية» (٣).

يقصد الإسنوي أن الذين استند إليهم النووي لم يُصرِّحوا بالجواز عند حفظ المتوالية، بل أطلقوا، فيمكن حملُ إطلاقهم على ما قَيَّده غيرُهم (٤).

* وجه جواز أن تكون الآيات متفرقة:

القياس على قضاء رمضان، فإن القضاء أوسع من الأداء.

وقد يستدل لهم بقوله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، فأطلق القراءة، والمطلق جارٍ على إطلاقه، فيشمل المتوالي كما يشمل المتفرق.

ولأن كل آيات القرآن يصلح أن يكون بدلًا عن الفاتحة، فلم يتعين البدل في سورة بعينها، وإذا لم يتعين لم يشترط توالي الآيات، بخلاف الفاتحة فإن الفرض


(١). تحرير الفتاوى (١/ ٢٤٥).
(٢). روضة الطالبين (١/ ٢٤٥).
(٣). المهمات في شرح الروضة والرافعي (٣/ ٥٨).
(٤). انظر: بداية المحتاج في شرح المنهاج (١/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>