للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: تأمين الملائكة.

الرابعة: موافقة التأمين.

فعلى هذه المقدمات الأربع تترتب المغفرة، وإنما أمسك عن الثالثة اختصارًا؛ لاقتضاء الرابعة لها فصاحة» (١).

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ... فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ... ) فأمر بالمبادرة بالتأمين، وعلل ذلك بقوله: (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة) فيه إشارة إلى أنه إذا بادر وأَمَّن مع تأمين الإمام فإنه يوافق تأمين الملائكة، ذلك لأن الملائكة توافق تأمين الإمام دائمًا، وإلا لما صح أن تكون الجملة الثانية تعليلًا للجملة الأولى (٢).

(ح-١٤٢٥) وروى النسائي من طريق بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن أبي سلمة،

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (٣).

وهذا إسناد جيد، وهو يبين أن قوله: (فإن الملائكة تؤمن) جملة تعليلية للأمر بالتأمين.

قال ابن المنير نقلًا من فتح الباري: «الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها؛ لأن الملائكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظًا» (٤).

[م-٥٥٦] واختلف العلماء بالمراد بموافقة الملائكة في التأمين:

فقيل: المراد موافقتهم بالوقت، وهو مذهب الجمهور (٥).

وقيل: المراد بموافقة الملائكة بالصفة، بأن يكون تأمينه من غير علة من رياء، أو سمعة، أو إعجاب وبهذا يكون تأمينه موافقًا في الإخلاص لتأمين الملائكة، اختار


(١). أحكام القرآن لابن العربي (١/ ١١).
(٢). انظر التعليق على المنتقى لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله (١/ ٩٩).
(٣). سنن النسائي (٩٢٥)، وفي الكبرى (٩٩٩).
(٤). فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢٦٥).
(٥). النهر الفائق (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>